(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ)
هل أهلكوا لأنهم كانوا ضعفاء؟ كلا بل بالعكس :
(مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ)
أيّ أنهم سيطروا على موارد الأرض ، وسخروها في مصلحتهم بإذن الله ، واستقروا في الأرض ، واطمأنّوا بها حتى ليكاد يحسبهم الناظر انهم خالدون فيها.
(وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ)
لقد استقروا في الأرض وتجاوزوا مرحلة البداوة ، والارتحال من منطقة لأخرى طلبا للرزق ، خوفا من الوحوش ، أو من نكبات الطبيعة ، ثم كانت موارد الرزق عندهم كبيرة وسهلة وهذه هي أسباب قيام الحضارات البشرية.
ولكن هذه الحضارة (التّمكين) لم تشفع لهم. إذ أنهم حين أعرضوا عن آيات الحق ، وكذبوا بها واستهزءوا. آنئذ خالفوا عمليا الحق ، وأكثروا من الذنوب التي هي تعبير ديني عن مخالفة الحق.
إنهم ظلموا أنفسهم ، وطغوا على الآخرين ، ولم يستفيدوا من موارد الطبيعة ، بل أفسدوها ، وفعلوا مثلما فعل قوم عاد أو قوم لوط أو قوم شعيب ، وكانت النتيجة : ان تلك الذنوب تكاثرت حتى أحاطت بهم ، وأنهت حضاراتهم.
(فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ)
إن هذه عبرة كافية للبشر إذا أراد أن يعتبر.
[٧] ولكن البشر قد يغلق على نفسه منافذ قلبه. فلا يقبل الحق ولو جاءه