فالله كان قادرا على منعنا من الشرك ، والتشريع الباطل ، فلم يفعل فهو راض بما نفعله ، ويجيب القرآن الحكيم على ذلك :
أولا : ان هذا الفريق هو الذي يكذب بالحق لذلك فهم يتشابهون مع كل من يكذب بالحق في التاريخ علما بأن أحد الطرق لكشف حقيقة جماعة هو الكشف عن التيار العام الذي يقعون فيه ويتسابقون معه ، فإذا مصدر هذا الزعم وسببه هو انهم يكذبون بالحقائق ، وإذا عرف الداعي النفسي الى فكرة ما افتضحت طبيعتها وحقيقتها ، مثلا : إذا عرفت ان زيدا الذي يتحدث عن فكرة انما يتحدث عنها لأنه ينتمي الى حزب كذا عرفت جوانب كثيرة من الفكرة.
ثانيا : ان النهاية التي جعلها الله لمثل هؤلاء هي العذاب الشديد. إذا فهم ليسوا بخارجين عن دائرة المسؤولية التي من أجل الهروب منها تشبثوا بمثل هذه الأفكار الباطلة.
(كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا)
ثم ـ وبعد ان يشكك هؤلاء بأفكارهم ـ يطرح عليهم هذا السؤال : هل هذا علم أم ظن؟ ان مجرد طرح هذا السؤال يعني جعل شرعية الأفكار مناطة بالعلم لا بالمصلحة ، وبالتالي فضح جذور الفكرة ، وأنها نابعة من الهوى ، وبما انهم لم يدّعوا العلم لأنهم لا يعترفون بالحق (بل بذاتهم) حتى يبحثوا عن العلم الذي يهديهم اليه ، ولكن مع ذلك لا يمكنهم انكار شرعية العلم.
ثم يؤكد القرآن الحقيقة في أمر هؤلاء ، ويقول : ان اعتماد هؤلاء هو على التصور والوهم والتصور (الظن) هو الكذب المتعمد ، والوهم هو الشك (الخرص).
(قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا