ومن تلك السنن : أنه قدّر ألّا ينزل الملائكة إلا في يوم المعاد. حيث يظهر الجزاء فورا وبصورة واضحة. في ذلك اليوم تظهر الملائكة لكي يجازوا الناس بأعمالهم ، وتظهر حقائق الكون للجميع. لذلك قال ربنا :
(وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ)
في ذلك اليوم تنتهي فرصة الاختبار للإنسان ، ويأتي يوم الجزاء العاجل الذي لا يمهل صاحبه ، أما الآن فنحن في يوم المهلة.
[٩] ثم ما الفرق بين ان ينزّل الله ملكا أو ينزّل رجلا ، فما دام الفرد كافرا وجاحدا. لا فرق بين أن يأتيه رجل رسولا ، أو يأتيه ملك رسولا. انه سوف يكفر بهما جميعا.
(وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ)
إن الهدف من بعث الرسل ليس إكراه الناس على الالتزام بطريق الحق ، بل إتمام الحجة عليهم وذلك بتوفير فرصة الهداية لهم كي لا يقولوا يوم القيامة : لم نكن نعلم.
ولذلك لو بعث الله ملكا إذا لجعله الله يشبه الناس حتى في ملابسه حتى يستطيع أن يتفاهم معهم ، ويهديهم.
[١٠] إن مشكلة الكافر هي استخفافه بالحق واستهزائه به. والسبب هو : أنّ الكافر ـ كما قلنا سابقا ـ لا يعرف مدى أهمية الحق في حياته وأن علينا أن نبيّن له تلك الأهمية من خلال تجارب التاريخ.
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ