الإصلاح والانتاج لا تنتشر مرة واحدة في المجتمع ، بل تتجلّى أولا في الملأ منهم الذين يشكلون طبقة المستكبرين ، وابرز صفاتهم هي :
استهلاك المزيد من النعم ، وخلق تيار معارض للإصلاح ، ولأنهم يريدون أن يأكلوا أكثر مما ينتجون ، فإنهم يسرقون انتاج الآخرين بشتى الوسائل والحيل ويستضعفونهم ، ويتسارع المستضعفون نحو الرسالة الجديدة التي تبشر المجتمع بالإصلاح والعدالة ، فيبدأ الصراع المرير بينهم وبين أولئك المستكبرين ، وينتهي الصراع بهلاك المستكبرين ونجاة المستضعفين بإذن الله.
(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ)
إن المستكبرين يحاولون إفساد الطبيعة والإنسان معا ، فلذلك تراهم يفسدون آراء المستضعفين ويجرونهم نحو التيه والضلالة لكي يستمروا في استغلالهم ، واستهلاك المزيد من انتاجهم ، بيد ان طائفة من المستضعفين يسارعون الى الايمان ، ويقوم الصراع بينهم وبين المستكبرين.
[٧٦] ولذلك تجد المستكبرين يكفرون بالرسالة ليس بمجرد أنها رسالة ، وانما لأنها مبدأ يؤمن به المستضعفون ويتخذون منه أداة لصراعهم ضدهم ، وهذا يبدو جليا من أقوالهم حيث
(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ)
المستكبرون يريدون دينا يؤيدهم في استغلالهم للناس وتسلطهم عليهم ، ولا يؤمنون بدين يؤمن به المستضعفون ، ويتخذون منه وسيلة لنجاتهم ، وخشبة خلاص لهم من ظلمهم.