من فائض النعم والوقت والمال ، يبالغ في الشهوات ويسرف فيها ويشذّ عن سبلها السليمة ، فيشتري عذاب الله. لذلك أرسل الله لوطا الى قومه في تلك المرحلة من حضارتهم ، حيث قعدوا عن الطموحات الكبيرة وتركوا قيمهم الفاضلة ، أرسله ليحذرهم عاقبة الشذوذ.
(وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ)
[٨١] (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ)
[٨٢] أعوذ بالله من حالة الانزلاق في وادي الشهوات ، خصوصا لو شاع ذلك في المجتمع ، حيث يتواصى أبناء هذا المجتمع الفاسد بالجريمة والشذوذ كما يتواصى المتقون بالصلاح ، ولقد أصبحت الجريمة والشذوذ قيمة اجتماعية عند قوم لوط ولذلك لم يستمعوا الى نصيحته ، بل اتهموه بالطهر والتقوى ، وأمروا بإخراجه.
(وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ)
[٨٣] والله سبحانه أنجى لوطا من تلك القرية فهاجر منها بأمره سبحانه ، وكذلك يهاجر المؤمنون من كل مجتمع يشيع فيه الفساد ولا يقدرون على إصلاحه.
(فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ)
ولم تكن امرأة لوط من أهله ، كما لم يكن ابن نوح من أهله ، لأنهما كانا على غير ملتهما.
[٨٤] وجاءت أخيرا العاقبة السوء حيث دمر الله قرى لوط بعذاب بئيس يفصّله القرآن في سور أخرى.