قبل.
وهكذا ترى رسالات الله تحذّر البشر من عاقبة أفعالهم السيئة وسلوكهم الشاذ ، ولكن أكثر الناس لا يشكرون نعمة الرسالة فيهلكون.
بينات من الآيات :
قوم لوط من الألف الى الياء :
[٨٠] أرسل الله لوطا الى قومه ، ويبدو لي ـ مرة اخرى ـ أن قوم لوط كانوا في البداية مستقيمين يسعون من أجل بناء حضارتهم ، لأن الخط العام لحركتهم كان سليما ، وكان مجمل سلوكهم سليما ، بيد أنّهم حين بلغوا مرحلة من التحضر أصيبوا بالإسراف ، وجاء في بعض الأحاديث أنهم أصيبوا كذلك يبخل وإسراف وهاتان صفتان نابعتان من جذر واحد هو : عبادة المادة ، والابتعاد عن القيم المعنوية.
وإذا كان قوم عاد قد أصيبوا بصفة الغرور والبطش والظلم ، وأصيبت ثمود بالفساد والاستكبار والطبقية ، فان ترف قوم لوط دفعهم الى الشذوذ الجنسي ، فكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء ، وقد يكون سبب هذا الشذوذ هو البخل ، حيث ان الشاب الذي تلتهب شهوته ولا يجد امرأة يتزوجها إلّا بمهر عظيم وبشروط قاسية ، شأنها في ذلك شأن المرأة في المجتمعات المرفهة التي تبحث عن الكماليات قبل ضرورات العيش ، إن هذا الشاب الذي لا يملك ذلك النشاط الذي يدفعه الى العمل والانتاج والحصول على المال ، يفضل الجنوح نحو الجريمة واختيار الشذوذ الجنسي الرخيص على العلاقة الشريفة.
بيد ان السبب الخطر للشذوذ هو الإسراف ، ذلك لان المجتمع الذي لا يتطلع نحو بناء المستقبل الأفضل ، ولا يبحث عن قيم التضحية والفداء ، ويملك قدرا كبيرا