مراحل الانحطاط :
يتدرج المجتمع في الانحطاط عبر عدة مراحل ، ففي البداية تفسد السلطة السياسية ، ثم تفسد طريقة التعامل ، ثم أساليب الانتاج ، ثم فساد القيم وهو أخطر مراحل الفساد ، لذلك نجد شعيبا (عليه السّلام) بدأ حديثه الناصح بالتحذير من الفساد السياسي والاقتصادي ، ومن ثم الفساد الثقافي والقيمي.
فحذّر من النهي عن المعروف والصّد عن سبيله ، ومحاولة تضليل الناس عن سبيله الأقوم في الحياة ، ومحاولة توجيههم الى السبل المنحرفة ، وأمرهم بتذكر الماضي حيث إنهم كانوا أقلّاء فكثرهم الله بالسبل القويمة ، كما نصحهم بالاعتبار بما أصاب المفسدين السابقين ، وأمر شعيب المؤمنين من قومه بالصبر حتى يحكم الله ، وتبين العاقبة.
[٨٦] قد يفسد البشر عمليا ، بينما يبقى من الناحية النظرية مؤمنا بالقيم ومعترفا بخطئه حين لا يعمل بها ، ويرجى لمثل هذا الشخص الفلاح بالتوبة ، ولكن إذا بقي على ضلالته العملية قد ينحدر شيئا فشيئا الى الكفر بتلك القيم رأسا ، أو لا أقل من تفسيرها تفسيرا خاطئا يتوافق مع سلوكه الباطل ، وهذا الشخص يصعب إصلاحه.
لأنه ليس فقط يعمل الأخطاء بعمد وإصرار ، بل ويدعو الناس إليها ، وقد يجرّ الآخرين الى اتباع منهجه ، وقوم شعيب بلغوا هذا الدرك الأسفل فنهاهم رسولهم (عليه السّلام) عن ذلك وقال :
(وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ)
أيّ تهددون السالكين فيه من الذين يبتغون الوصول الى الله والحق والعمل