أنهم رسل الله باطلا ، فإنهم يتركون الرسالة حين يتعرضون للضغط ، من هنا قال المؤمنون من قوم شعيب :
(قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْها)
وحيث إن الله أنجاهم من ضلالة الطاغوت بالرسالة ، فالعودة الى ملتهم السابقة إنما تكون بعد وعي كاف ببطلانها ، فيكون ذلك تكذيبا متعمدا للحق ، وجحودا سافرا بآيات الله ، والعذاب سوف يكون عليهم مضاعفا.
ومن جهة أخرى العودة الى الملة الباطلة التي أنقذهم الله منها لا تكون ممكنة بالقهر والإكراه ، لان الله قد ضمن للبشر حريته وكرامته ، ولن تكون القوى الشيطانية قادرة على إلحاق أيّ نوع من الأذى ، أو إيجاد أيّ قدر من التأثير على أحد من دون مشيئة الله واذنه سبحانه ذلك لان قوى الطاغوت لا تعصي الله عن غلبة ـ سبحانه ـ أو بتجاوز ملكوته .. كلا ، وإنما لأن الله أمهلهم وأعطاهم فرصة الاختيار الحر لفترة محدودة لهذا فان الطاغوت لا يقدر على جبر المؤمنين على الكفر لأن الله لا يسمح له بذلك.
(وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً)
وكما ان قدرة الله مهيمنة على الكون فلا يقدر الكفار على تجاوزها ، كذلك علمه النافذ في كلّ شيء ، ولكي يقاوم المؤمنون قوى الطاغوت المادية يلتجئون أكثر فأكثر الى قوة الله المعنوية ويقولون :
(عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِ)
المؤمنون لا يسعون نحو تحقيق الانتصار على عدوهم بالباطل ؛ أي دون أن يكون لديهم مؤهلات النصر ، أو دون أن يكونوا أفضل من عدوهم ، بل إنما يريدون الفتح