من حقول الحياة انما هو رهن بمعرفة أنظمة الكون ، واستغلال هذه المعرفة من أجل تسخير الحياة ، وتبدأ مسيرة البشر القهقرى حين يستهين بهذه الأنظمة ، ويتعالى عنها فيظلم نفسه بذلك.
كذب واستكبار :
[١٣٤] ولقد أتمّ الله حجّته على آل فرعون بتلك المصائب التي توالت عليهم ، إذ ان البلاء يكشف الحجب الكثيفة التي يجعلها الفرد على عينيه مثل : التعصب ، والحقد ، والحب المفرط ، ولكن إذا انكشف البلاء عادت الحجب ، وعادت مشكلة الجحود.
(وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ)
وهو العذاب الآتي بسبب الانحراف ، والشذوذ في الطبيعة أو في السلوك.
(قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ)
إن نظرتهم المادية الضيقة لم تزل لاصقة بأذهانهم ، إذ انهم لا يزالون يزعمون أن الهدف من بعثة موسى هو الانتفاع من وجوده في كشف الضر عنهم ، ولم يفقهوا دور المعنويات في حياة البشر ، وأن رسالات الله تنفع البشر في رفع معنوياتهم ، ووضع برامج صائبة لهم ، وليس فقط في دفع البلاء الذي يصيبهم بسوء أعمالهم ، أما آل فرعون فقد كانت نظرتهم الى الدين والى حاملي رسالته كنظرة كثير منا حيث نريد الدين لمصالحنا الذاتية لذلك قالوا :
(لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ)
والرجز يكشفه الله بالتوبة والعمل الصالح ، ولكنهم نسبوا الأمر الى موسى (عليه السلام) لقصر نظرهم.