وضح له الحقيقة وهي : أن قومه استضعفوه ، وأنهم همّوا بقتله ، ولذلك فهو أنقاهم حتى يعود موسى (عليه السلام) وطلب هارون من أخيه بألا يشمت به الأعداء ، ولا يجعلهم يفرحون بمعاملة موسى لأخيه المعارض لهم ، كما طالبه بألا يفسر سكوته الظاهر بأنه نابع من رضاه بالوضع ، كلا .. بل إنه كان سكوتا غاضبا بانتظار الفرج القريب.
بينات من الآيات :
لماذا العجل؟
[١٤٨] لماذا عبد بنو إسرائيل في غياب موسى الى الطور العجل ، واتخذوه إلههم؟
يبدو أن رواسب الجاهلية الفرعونية التي عاش بنو إسرائيل في ظلها قرونا ، والتي كانت تعبد العجل وتتخذ منه رمزا للرخاء الزراعي ، إنها كانت السبب في صناعة العجل ، إلّا أن الحلي من الذهب والفضة كانت مادة لهذه الصناعة ، لأن بني إسرائيل حين رحلوا عن أرض مصر حملوا معهم حليهم ، وكانوا يعتزون بها باعتبارها الرصيد الاقتصادي الوحيد الذي كانوا يملكونه ، فحين ظهرت رواسب الجاهلية الكامنة على السطح ، صنعوا من الحلي عجلا ، فهم في الواقع كانوا يعبدون الذهب والفضة والرخاء باعتبار ان شكل العجل يدل على ذلك الرخاء ، وباعتبار أن العجل صنع من الحلي.
وهكذا دلّت الحادثة على ان التحول السياسي الذي حدث في بني إسرائيل لم ينعكس على ثقافتهم ، وكانوا يحتاجون الى ابتلاء ليظهر واقعهم فيعالجه المصلحون ، وربما لذلك واعد ربنا موسى ثلاثين يوما ثم أضاف إليها عشرا حتى يكون الجو مهيئا للسامري بأن يشيع نبأ كاذبا هو : أن موسى قد مات ، ويظهر واقع السامري وما كان ينتظره من موت موسى ليخرج بدعته ، وهكذا وقع السامري في المصيدة المنصوبة.