انك حين تقف فوق تلّ مشرفا على رابية ، يمتد بصرك إلى ابعاد الرابية وأطرافها ، وتصبح وكأن الرابية ورقة في يدك.
وفي يوم القيامة حين نشهد آيات ربنا ، هنا جهنم تلتهب نارا وعذابا ، وهنالك الجنة تنبسط بنعيمها وجمالها ، وهنا الميزان الحق ، وهناك الكتاب الذي أحصى كل شيء. آنئذ نقف على ربنا ، وتكرهنا القضايا الساخنة على الايمان به ، ويستشهدنا الله على نفسه تعالى : (قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ؟! قالُوا : بَلى وَرَبِّنا. قالَ : فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ). إنه الحق الذي سوف نضطر الى الايمان به يوما ما ، فلما ذا لا نؤمن به الآن حتى ينفعنا ايماننا ، لماذا نكفر به ، لنذوق العذاب إذا؟
شيء من الواقع :
[٣١] ان التكذيب بالمعاد يشوش على البشر رؤية الحقائق في الدنيا ، ويدفعه الى التكذيب بالحقائق جميعا ، ويكون مثله كمن يكذب بالموت ويرى أنه لن يموت ، فهو يكذب بآثار مرض السرطان ، يتورم جسمه فيقول : كلا انه لا يدل على الموت المرتقب ،. يتألم جسمه ويحرقه ، ولكنه يصر قائلا : ليس ذاك دليلا على الانتهاء ، فيؤكد له الدكتور وسائر العقلاء ذلك ، ولكنه يصرّ مستكبرا على قوله. ذلك لأنه لم ينظم زاوية فكره وفق الموت الحق ، فاختلطت عليه الحقائق جميعا. كذلك الذي لا يؤمن بلقاء الله يكفر بكل شيء حتى يخسر نفسه نهائيا.
(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ)
وزر التكذيب بالآخرة ، ووزر الأعمال السيئة التي ارتكبوها بهذا السبب (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ).