وهذه كما سبق ـ وان قلنا ـ أصل الفساد الفكري عند الإنسان ..
كيف تستوعب الغيب؟
[٣٠] إذا قدمت إليك تفاحة ، فأردت أن تعرفها جيدا ، فلا بد أنك تقلبها من أطرافها ، وإذا فكرت في شراء بيت فانك تتفقد جميع جوانبه ، أما إذا أردت التعرف على حادثة اجتماعية أو ظاهرة طبيعية ، فان عليك أن تبحث عن مبتدئها ونهايتها ، عن أولها وآخرها ، فلرب حادثة أولها خير وعاقبتها شر ، ولرب ظاهرة تبدء نافعة وتنتهي ضارة مفسدة ، والعكس صحيح ، كذلك الحياة لا تعرف بنيانها ، ومرسى سفينتها ، وساعة قيامتها ، وكل حادثة أو ظاهرة تدخل ضمن اطار الحياة تقاس هي الاخرى بهذا الميزان. أي بنهاية الدنيا. ذلك ان مصير ركاب السفينة متعلق بمصير السفينة. كذلك سفينة الحياة تتعلق بها كل الحوادث التي تقع ضمنها.
والقرآن الحكيم يدعنا أبدا نتصور نهاية الحياة لنعرف بدقة أكثر ذات الحياة ، وما بها من احداث ، وبالتالي ليكون لدينا مقياس نستطيع أن نحكم بسببه على الاحداث حكما سليما.
والسؤال : لماذا يستخدم القرآن أسلوب التصوير في هذا الجانب؟.
الجواب : لأنّنا من الناحية العلمية قد نكون مقتنعين بالغيب وبالعاقبة أو حتى بالقيامة ولكن ثقل الشهود وحضور الأحداث والظواهر التي نعايشها الآن تمنعنا عن التوجه الى الآخرة ، وهنا نحتاج إلى قوة التصور لنعبر فوق جسره إلى شاطئ الغيب ، هناك حيث لا يثقل أحاسيسنا حضوره الفعلي ، لذلك تجد القرآن يقول هنا :
(وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)