يستخدم قهره أحيانا كثيرة ، ومن هنا فلربما لو عبر القرآن ب (وهو القاهر عباده) كان المعنى مختلفا وناقصا. ان قهر الله ليس قهرا فعليّا ، بل قد يكون بالقوة فقط ، والدليل يكمن في أن الله سبحانه يحيط البشر بالحراس الذين يحفظونه.
(وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً)
الغلاف الواقي الذي يحيط بالفضاء لكي لا تسقط نيازك السماء على رؤسنا ، والجبال الراسية التي تحفظ الأرض من أن تميد بأهلها ، والمحيطات الواسعة التي تمتص الغازات. كلها رسل الله الحفظة لعباده ، والغدد المنتشرة في جسم البشر التي تسبب توازنه ، وطريقة توزيع المواد ، ونظام مقاومة الميكروبات التي يقوم بها جنود الجسم ، والكريات البيض و.. و. ومئات الأنظمة الدقيقة التي تحرص على سلامة الجسم ـ كلها حفظة.
ولكن لا ينتهي حفظ الله للبشر على هذه الأمور. بل هناك آلاف الحوادث التي يتعرض لها الإنسان في حياته مما يحتمل ان تكون الواحدة منها كافية للقضاء عليه ، فقد يقع الإنسان من علوّ ، أو حتى يعثر في الطريق فيرتطم بالأرض ولو صادف واصطدم به حجرا اذن لقتل. وقد تنحرف سيارته بسبب الطبقة الثلجية يمينا أو يسارا لتصطدم بالسيارة الاخرى ، ولو زاد انحرافها لارتطمت بالجبل ، ولو كان انحرافها بعد كيلومتر لوقعت في الوادي لضيق الشارع ، ترى كم احتمالا للهلاك كان قائما انجاك الله منه بلطفه. إن حفظة الله هم الذين يحيطون بك ويدفعون عنك المهالك ، ولكن الى متى؟
الى حين موعدك ، حيث يصبح الحفظة أنفسهم قابضين لروحك.
(حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا)