ثم إن مالك بن ناصر ارتفع بمن معه من العساكر وقصد قرية منح وأغارت شرذمه من قومه على فلج وادي الحجر فقتلوا منه ناسا ونهبوا مافيه وأحرقوا بيوتها وقتلوا من قتلوا وتفرق أهلها ، ثم ساروا إلى نزوى ووصلوا إلى مسجد المخاض من فرق فضربوا هنالك معسكرهم وأقاموا محاصرين نزوى وأفسدوا الزروع وأحرقوا سكاكر كثيرة من الحيلى والخضرا وأحرقوا مقامات من فرق وعاثوا في البلاد.
ثم خرج إليهم أهل نزوى ومن معهم من عساكر يعرب فوقع بينهم الحرب ثم رجع كل فريق منهم إلى مكانه وقتل من قتل من الفريقين فكانت الحرب والقتل بينهم كل يوم إلى ما شاء الله ، واشتد على أهل نزوى البلاء ثم وقعت بينهم وقعة عظيمة لم نسمع بمثلها إلى ما شاء الله وكادت تكون الهزيمة على قوم مالك إلا أنهم لم يجدوا سبيلا للهزيمة والهرب إذ قد أحاطت بهم الرجال كحلقة الخاتم بعد ما انهزم منهم خلق كثير وبقي من بقي وظنوا أنهم غالبون لا محالة فاشتغل أكثرهم بالنهب والسلب واتكل بعضهم على بعض فعطف عليهم القوم بعزم ثابت وجد واجتهاد فولوا منهزمين فكثر فيهم القتل والجراح واتبعهم القوم يقتلون ويسلبون إلى الموضع المعروف بجنور الخوصة قريبا من جناة العقر فقتل كثير من أهل نزوى في ذلك اليوم.
ورجع قوم مالك إلى معسكرهم ولم تزل الحرب بينهم قائمة بكل يوم ثم أن مالكا خرج بكافة أصحابه إلا قليلا تركهم في المعسكر حتى وصل قريبا من جناة العقر فأراد أن يحاصرهم في بستان شويخ وليثقب جدرها لمرمى التفق ، فخرج عليهم أهل نزوى فدارت رحى الحرب بينهم ساعة من النهار ثم قتل مالك ابن ناصر فانكسر قومه ورجعوا إلى معسكرهم وأقاموا هنالك إلا أن قوتهم ضعفت بموت مالك.