إلى بركا فسار رحمة بن مطر الهولي بقومه وحمزة بن حماد بن ناصر ومحمد ابن عدي بن سليمان الذهلي بالقوم الذين جاء بهم من جانب الصير ومحمد ابن ناصر الحراصي بقومه ، فسار هؤلاء كل وال على قومه حتى نزلوا المصنعة ثم ورد كتاب من قرع الدرمكي من بني هناءة إلى رحمة بن مطر يقول : «إنك لا تصل إلينا فنحن واصلون إليك» على سبيل التهدد ، فلما قرأه رحمة وعرف معناه أمر بالمسير إلى بركا ، وقدم عيونا من أصحابه إلى بركا فوجدوا قراعا وأصحابه مقبلين قاصدين إلى رحمة بن مطر فرجعت العيون وأعلموه أنهم وجدوا قراع وأصحابه مقبلين إليه فالتقاهم رحمة بمكان يسمى القاسم فوثب عليهم قضيب الهولي على فرس والقوم على أثره فقتل منهم عشرة رجال وانكسرت أصحاب قراع وجرح قضيب جرحا هنيا وسار رحمة مشرقا بالقوم حتى نزل بالحفرى ، التي هي للجبور حتى يستريحوا ويأكلوا.
ثم إنه بعث عيونا فوجدوا خلف بن مبارك القصير قد طلع بقومه برا وبحرا بجيش لا يعلم عدده إلا الله وكان عدد القوم الذين هم أصحاب محمد بن ناصر خمسة عشر ألفا من بدو وحضر من سائر القبايل ، فالتقوا غربي بركا فوقعت بينهم صكة عظيمة وكانت عند أصحاب رحمة مدافع فضربوا الخشب التي بالبحر فأغرزت الخشب بحرا وانكسر خلف بن مبارك وأصحابه وركب ناقته واتبعهم أصحاب محمد بن ناصر يقتلون ويأسرون فلم يجدوا ملجأ من القتل فكانوا يدخلون البحر ليتخلصوا في المراكب فأغرزت بحرا ولم ينالوها والقوم تضربهم بالتفق فهلكوا جميعا وأخذوا سلبهم من سلاح وغيره وجميع ما معهم فلفظهم البحر ، فوجد جميع القتلى ألف واثني عشر رجلا. ولم يزالوا يتبعونهم حتى دخلوا حصن بركا ثم نزل أصحاب محمد بن ناصر الغافري بجانب الجبل من بركا فحاصروا الحصن فأقاموا أربعة أيام ، ثم إن أهل الحصن تخلصوا في المراكب إلى مسكد ، ولم يبق به إلا قليل وليس في البلد أحد.