مسود فكان سببا لقوة المذهب ، وكان عادلا مرضيا ثم خرج عليه شيبان وكان شيبان يطلبه السفاح فلما قدم عمان أخرج إليه الجلندى هلال بن عطية الخراساني ويحيى بن نجيح وجماعة من المسلمين وكان يحيى فضله مشهورا بين المسلمين فدعا بدعوة أنصف فيها الفريقين فقال : «اللهم إن كنت تعلم أنا على الدين الذي ترضاه والحق الذي تحب أن تؤتى به ، فاجعلني أول قتيل من أصحابي ثم اجعل شيبان أول قتيل من أصحابه واجعل الدائرة على أصحابه ، وإن كنت تعلم أن شيبان وأصحابه على الدين الذي ترضاه والحق الذي تحب أن تؤتى به فاجعل شيبان أول قتيل من أصحابه».
ثم زحف القوم بعضهم إلى بعض فكان أول قتيل يحيى بن نجيح وأول قتيل من أصحاب شيبان شيبان ، فلما قتل شيبان وصل إلى عمان خازم بن خزيمة وقال إنا كنا نطلب هؤلاء القوم يعني شيبان وأصحابه وقد كفانا الله قتالهم على أيديكم ولكني أريد أن أخرج من عندك إلى الخليفة وأخبره أنك له سامع مطيع ، فشاور الجلندى المسلمين في ذلك فلم يروا له ذلك. وقيل إنه سأله أن يعطيه سيف شيبان وخاتمه فأبى الجلندى فوقع القتال بين خازم والجلندى فقال هلال للجلندى ولم يبق إلا هو وهلال بن عطية الخرساني فقال هلال للجلندى أنت إمامي ولك عليّ لا أبقى بعدك ، فتقدم فكان أصحاب خازم يتعجبون من ثقافته وهم لم يعرفوه ثم إنهم عرفوه وقالوا هلال بن عطية فاحتولوه حتى قتلوه رحمه الله (١).
وكانت إمامة الجلندى سنتين وشهرا وقيل إن الذي تولى قتل الجلندى خازم بن خزيمة فبلغني أنه لما حضرته الوفاة قيل له أبشر فقد فتح الله عمان
__________________
(١) الثقافة هنا اللعب بالسيف وقد قال الشاعر : وكأن لمع بروقها في الجو أسياف المثاقف واحتولوه معناها صاروا حوله.