وقتل من قتل وهرب من هرب عمد المطار الهندي ومن معه من سفهاء الجيش إلى دور بني الجلندى فأحرقوها بالنار ، وكان في الدور الدواب مربوطة من البقر وغيرها فبلغنا أن رجلا من السرية كان يلقي نفسه في الفلج حتى يبتل بدنه وثيابه ثم يمضي في النار يقطع الدواب حبالها فتنجو بأنفسها من النيران فبلغنا أنهم أحرقوا سبعين غرفة أو خمسين ، وبلغنا أن نسوة من بني الجلندى خرجن على وجوههن في الصحراء هاربات ومعهن أمة فلبثن بها ما شاء الله فاحتجن إلى الطعام والشراب فانطلقت الأمة إلى القرية في الليل تلتمس لهن طعاما وشرابا فلما وصلت إلى القرية ليلا وجدت شيئا من السويق وسقاء من أسقية اللبن وكسر إناء فعمدت إلى الفلج فحملت في سقائها ماء فبصر بها رجل من السرية وقد توجهت نحو النسوة بالماء والسويق فأدركها الرجل في بعض الطريق فأخذ منها السويق وصبه في الأرض وأخذ الماء فأراقه ثم انصرف عنها ، وبلغنا أن أبا مروان لم يأمر بهذا الحرق ولعله قد نهى عنه فلم يقبل قوله وبلغنا أن الإمام بعث رجلين إلى القوم الذين أحرقت منازلهم فدعوهم إلى الإنصاف وأن يعطوهم ما وجب لهم من الحق ، وبلغنا أن القوم الذين اجتمعوا مع أبي مروان اثنا عشر ألفا والله أعلم.
ولم يزل المهنا إماما حتى مات يوم سادس عشر من ربيع الاخر سنة سبع وثلاثين ومائتين (١) وكانت إمامته عشر سنين واشهرا وأياما ومات المسلمون عنه راضون وله موالون ومؤازرون إلا أني وجدت في سيرة الشيخ أبي قحطان خالد بن قحطان رحمه الله وقد ذكر لنا أن الشيخ محمد بن محبوب وبشير اطلعا على حدث من المهنا تزول به إمامته وأنهما كانا يبران منه سريرة والله أعلم.
__________________
(١) يوافق ١٦ ربيع الاخر لسنة ٢٣٧ ه يوم ١٧ ت ١ لسنة ٨٥١ م.