ميدان آخر. هنا يوجد كثيرون من الخصيان المنفيين من قصر السلطان والعائشين هنا بمعاش يكون أحيانا ، كما يقولون ، كبيرا جدّا ، مثلا ، ٣٠ ليرة. وتبين أن كثيرين منهم يتزوجون ؛ وظننت أنهم يفعلون ذلك لأجل الخدمات البيتية فقط. ولكن كلا ، فلهذا الغرض توجد عبدات ؛ أما الزوجات فلا يفعلن شيئا غير ارتداء وتغيير الملابس الفاخرة. ولم يحدث مرة ، كما يقولون ، أن تذمرت إمرأة تزوجت من مخصي من مصيرها ورغبت في الطلاق.
النساء ، كما سبق أن قلت ، يتمتعن هنا بقدر من الحرية أكبر بكثير مما عندنا ، نحن التتر ؛ وهن يشتركن في الصلاة في الجوامع ، ويتاجرن بحرية ، ويقمن بأمور أخرى ، ويتخطرن من زيارة ، وغير ذلك ، النقل الأول للضيفة القادمة هو النارجيلة التي يدخنها الجميع بلا استثناء ثم فنجان القهوة.
تحادثت مع عز الدين أفندي عن مهاجرينا المحليين. يستفاد من أقواله أن الذنب الرئيسي الذي اقترفه اتباع عبد الستار انما هو استملاك أموال المواطنين الذين يموتون هنا واهمال مشيئتهم الأخيرة. الأموال أمّا لا يعرضونها البتة على السلطات التركية ، وأما لا يعرضون غير قسم منها يطلبونه بالحاح من الورثة في صالحهم ؛ والوصايا لا تنفّذ ؛ وقد روى حارث أن تلميذا قرغيزيا قد أوصى قبل وفاته بما يملكه [...] * في صالح رفاقه الشكيرديين ولكن هؤلاء ، وكان بينهم آنذاك حارث ، لم يحصلوا على شيء. وبالروح نفسه يحكي كثيرون جدّا عن مسلك عبد الستار وناظره ، فلا بد من التصديق سواء شاء المرة أم أبى. ولكن هذا الرجل يحظى بمكانة كبيرة عندنا في روسيا. في السنة الأخيرة خاف أن يذهب بنفسه لجمع النقود فأرسل حسين الملّا وعبد الرحمن الشيخ وصدّيق الناظر.
٢١ أيار (مايو). يوم الخميس. اليوم ، مات عدد كبير جدّا من الناس. المدينة المنورة منفعلة لموت المدرّس المعروف عبد الندير الذي