وعلى بعد ١٥ فرستا من عوض تقع بلدة البحرة العربية ، في وسط الطريق إلى مكة تقريبا ؛ وفيها مقر الطابور الذي يحرس الطريق. ويحتفظ الطريق بالاتجاه الشمالي الشرقي ، في وادي فاطمة ويصل على بعد ٧ فرستات عن البحرة إلى حدّة ، ـ وهذه أول بلدة فيها بساتين. صحيح أن الماء عذب نسبيّا ، ولكنه يعج بحشرات ما. وعلى بعد ٢ فرستا تقريبا عن هذه النقطة الأخيرة ، يمضي الطريق في الرمال ثم ينعطف من الوادي صوب الشرق ، ويحتفظ عموما بهذا الاتجاه حتى مكة بالذات ، ويتلوى بين الجبال ، متحاشيا المرتفعات والمنحدرات ؛ وبدءا من حدّة ، تتزايد الجبال علوا بصورة تدريجية ، وتتزايد الفجاج ضيقا ، ويصبح الماء أعذب. وعلى بعد ٤ فرستات تقريبا عن جدّة ، تقع سالم ، ثم على بعد ٩ فرستات ، تقع شميسي ؛ وبين هاتين النقطتين توجد علامة بصورة أعمدة مركبة من الحجارة تشير إلى حدود الحرم. ثم تأتي مقتله على بعد ٤ فرستات ، ثم علة بعد ٣ فرستات تأتي بستان ، وعنها تبعد مكة زهاء ٥ فرستات ؛ في المرحلة الأخيرة يتميز قاع الفجاج ، الذي تمر به الطريق بتعرجات كبيرة لا يمهدها الماء ؛ ومرد ذلك إلى أن التربة صخور بصخور. وفي مثل هذه الأماكن ، نحت الناس في قديم الزمان على كل عرض المضيق درجات عريضة تصعّب التحرك على العجلات ولا تسهل التحرك على مطايا الحمل أيضا ؛ وعلى مثل هذه الدرجات تقع العين في كثير من الطرق في ضواحي مكة والمدينة المنورة.
المسافة بين جدّة ومكة تقطعها القوافل عادة في غضون يومين ، مع وقفة لمبيت الليل في البحرة أو في حدّة ؛ أما المسافرون على ظهور الحمير فإنه يتسنى لهم قطع المسافة في يوم واحد.
وبعد مكة ، تنطلق الطريق ، مع احتفاظها بالاتجاه السابق ، ولكن مع تميزها بارتفاع أكبر ، في قاع فج عميق وضيق ، هو وأدي المنى ؛ الجبال المحيطة ، التي تبلغ علوّا كبيرا ، تخلو من اية نباتات ، وتتألف