أغلظ للسّرىّ فى القول ، وقال له : تحدّون الزانى وأنتم تزنون؟! وتقطعون السارق وأنتم تسرقون؟! وتجلدون فى الخمر وأنتم تشربون؟! فلم يزل يرفق به حتى ولّى. وشدّد على الناس ، وصمّم فى الحق ، فاختصم إليه رجلان فى شىء ، فأمر بالكتابة على أحدهما بإنفاذ الحكم ، فتشفّع المحكوم عليه بابن أبى عون إلى الأمير «السرى بن الحكم» ، فأرسل إليه السرى أن يتوقف عن الحكم إلى أن يصطلحا ، فإن لم يصطلحا أنفذ الحكم. فجلس إبراهيم فى منزله ، وامتنع عن القضاء. فركب إليه السرى ، وسأله الرجوع ، فقال : لا أعود إلى ذلك المجلس أبدا ، ليس فى الحكم شفاعة. فلما صمّم على الامتناع ، ولّى السرىّ إبراهيم بن الجرّاح ، وذلك فى جمادى الأولى سنة خمس ومائتين. ومات إبراهيم بن إسحاق بعد انفصاله بشهر واحد فى جمادى الآخرة من السنة (١).
٦٦ ـ إبراهيم بن أبى أيوب عيسى المصرى : أبو إسحاق الطحاوى. روى عن ابن وهب ، والشافعى. روى عنه ابنه أحمد. مات فى المحرم سنة تسع وخمسين ومائتين ، وكان كاتب الحارث بن مسكين ، وكتب ـ أيضا ـ لعيسى بن المنكدر ، وهارون الزّهرىّ (٢) قضاة مصر. وكان ابنه من أهل الأدب (٣).
٦٧ ـ إبراهيم بن الحجّاج (٤) بن منير الحمّصىّ (٥) : هذا الرجل كان يقلى الحمّص ويبيعه ، وكان يعرف ب (القلّاء) (٦). وكان يسكن دار الحمّص بمصر. روى هو وعمه
__________________
بالنسب ـ نقلت ما تيسر لى منه ، وذكرت باختصار بعض أساتيذ وتلاميذ المترجم له على طريقة مؤرخنا (رفع الإصر ١ / ٢١).
(١) السابق ١ / ٢٢ ـ ٢٣.
(٢) ورد اللقب محرفا هكذا (الزّهيرى) فى (تاريخ الإسلام ١٩ / ٧٣). والصواب ما ذكرته ، فهو القاضى المصرى (هارون بن عبد الله الزّهرى) ، الذي ولى من (سنة ٢١٧ ـ ٢٢٦ ه). (كتاب القضاة للكندى ص ٤٤٣ ـ ٤٤٩).
(٣) تاريخ الإسلام ١٩ / ٧٣.
(٤) جرّده ابن حجر من (ال) فى (تبصير المنتبه ٢ / ٥١٥).
(٥) نسبة إلى (الحمّص) : وهو نوع من الحبوب. (بتشديد الميم وكسرها ، أو فتحها). (الأنساب ٢ / ٢٦٤ ، واللسان ، مادة : (ح. م. ص) ج ٢ / ٩٩٦ ، والمعجم الوسيط ١ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥).
(٦) مشتبه النسبة (طبعة الهند) لعبد الغنى بن سعيد ص ٢٥ (وذكر أنه حدثنا بذلك : أبو الفتح ـ ولعله أبو الفتح بن مسرور البلخى تلميذ ابن يونس ـ عن أبى سعيد بن يونس) ، والأنساب ٢ / ٢٦٤ (وصرّح بذكر أبى سعيد بن يونس الصدفى صاحب كتاب (تاريخ المصريين) له ، وعاد فذكره ثانية فى ج ٤ ص ٥٦٩.