طاهر» ، فشنّعه (١) سعيد بن عفير.
حدثنى على بن الحسن بن قديد ، عن يحيى بن عثمان بن صالح ، عن أبى يعقوب يوسف بن يحيى البويطىّ ، حدّثه أنه كان حاضرا فى مجلس ابن طاهر ، حين أمر بإحضار شيوخ أهل مصر. قال : فقال لنا عبد الله بن طاهر : «إنى جمعتكم ؛ لترتادوا لأنفسكم قاضيا». فكان أول من تكلم يحيى بن بكير ، فقال : أصلح الله الأمير : ولّ قضاءنا من رأيت ، وجنّبنا رجلين : لا تولّ قضاءنا غريبا ، ولا زرّاعا ، يعنى (٢) بالغريب : إبراهيم بن الجرّاح ، وبالزرّاع : عيسى بن فليح. ثم تكلم أبو ضمرة الزّهرىّ ، فقال : أصلح الله الأمير. أصبغ بن الفرج الفقيه العالم الورع «وأصبغ حاضر المجلس». فقال سعيد بن كثير بن عفير : ما بال أبناء المقامصة (٣) ، والصبّاغين يذكرون لهذه المواضع ، التى لم يجعلهم الله لها أهلا؟! فقام أصبغ ، وأخذ بمجامع ثوب سعيد بن عفير ، وقال له : إنك لشيطان مفتر! من أين علمت أنى من أبناء الصبّاغين؟! وارتفع الأمر بينهما ، حتى كادت أن تكون فتنة. فذكر عبد الله بن عبد الحكم «عيسى بن المنكدر» ، وأثنى عليه بخير ، فقلّده ابن طاهر القضاء (٤).
__________________
(١) أخطأ قراءتها محققو (تهذيب الكمال ٣ / ٣٠٦ ، وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٦٥٧ ، وتاريخ الإسلام ١٦ / ٩٨ ، لما حرّفوا كلمة (فشنّعه) إلى (فسبقه). والأولى صحيحة دالة على الحدث فعلا. وتجدر الإشارة إلى أن محقق (المقفى) ج ٢ / ٢١٦ ، قرأها قراءة صحيحة.
(٢) هذا هو الصواب ، نقلا عن (كتاب القضاة) للكندى ص ٤٣٣ ، بينما لا تصح كلمة (يعرّض) ، التى قرأها محقق (المقفى) ج ٢ ص ٢١٦.
(٣) رجعت إلى مادة (ق. م. ص) فى (اللسان) ٥ / ٣٧٣٨ ـ ٣٧٣٩ ، فلم أهتد إلى المعنى بالضبط ، وإن كنت وجدت له ظلالا تشير إليه عن بعد. ف (القامصة) : الدابّة النافرة الضاربة برجلها ، فيكون المعنى مشيرا إلى وضاعة أصل (أصبغ) ، أو إلى شدة سلاطته ، وبذاءة لسانه. وقد يكون من (القميص) إشارة إلى وضاعة حرفة آبائه (صنّاع القمصان).
(٤) أورد المقريزى الواقعة شبه مكتملة (نقلا عن ابن يونس) فى (المقفى) ٢ / ٢١٦ ـ ٢١٧. ويلاحظ أنها وردت ـ من قبل ـ مكتملة ، وبنفس إسناد ابن يونس (ابن قديد ، عن يحيى بن عثمان بن صالح) فى كتاب (القضاة) للكندى ص ٤٣٣ ـ ٤٣٤. هذا ، وقد اكتفى كل من : المزى فى (تهذيب الكمال) ٣ / ٣٠٧ ، والذهبى فى (تاريخ الإسلام ١٦ / ٩٩ ، وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٦٥٧) بالوقوف فى النقل عن ابن يونس ـ تقريبا ـ عند عبارة أبى ضمرة الزّهرىّ ، التى يثنى فيها على (أصبغ) خيرا ، وقالا : فذكر الحكاية ، أو باقى الحكاية. ولم يورداها!