وكان الأمر كذلك إلى أن تغيّرت هيئة السرداب وسدّ الأزج وفتح باب له من جهة الشمال وعيّنت له الخدم ، فلمّا رأت سدنته رغبة المؤمنين إلى زيارة تلك البقعة جعلوا يأخذون تراب ذلك المكان ويعطونه الزائرين بإزاء دراهم معدودة ، فأدّى ذلك أن حفرت تلك البقعة مقدار درجتين ثمّ تصدّى إلى طمّها العلّامة الكبير الشيخ عبد الحسين الطهراني رحمهالله ، ثمّ حفرها بعض السدنة لمقاصدهم الخاصّة وسمّوها بئر صاحب الزمان ، فكثرة شكوى الزائرين في عصر آية الله المجدّد الميرزا محمّد حسن الشيرازي طاب رمسه ، فعمل بعض العوام بابا فضّيّا على حدّ فم البئر ونصبه عليها ، فلم تنقضي الأيّام والليالي إلّا وسرق الباب وعاد الأمر كما كان ، وإنّ آية الله المجدّد رحمهالله مع سيطرته في سامرّاء لم يتمكّن من تغيير ذلك إلى أن زالت الدولة العثمانيّة من العراق فسعى في طم البئر المولى الحجّة الميرزا محمّد الطهراني أدام الله بقاه فطمّها بمعونة الحكومة وفرشها بالرخام الصقيل ، ومع ذلك فقد جعلوا الآن ثقبا تحت الرخام بمقدار أن يدخل الكفّ فيه لأخذ التراب ، وربّما وضعوا التراب فيها من الخارج لإعطائه الزائرين الذين لا يعلمون حقيقة التراب.
ونظير هذه المشكلة البئر التي عند الباب الذي يفتح إلى صحن الحجّة عليهالسلام غربا حيث يزعم عوام الناس أنّ قطرة من حليب ثدي حكيمة بنت الإمام الجواد عليهالسلام وقع فيها فيمثّل الناس مثل البدر الكامل إذا نظر في البئر ويزدحم العوام على البر كازدحام الحاجّ على بئر زمزم ويأخذون من مائها ويتبرّكون به ، وكان على رأس البئر بعض السدنة يأخذ منهم بعض دراهم زهيدة ويعطيهم شربة منه ، ولعمري إنّ هذا من حيل بعض السدنة وهو جهل مفرط سيطر على بعض الجهّال من الزائرين ، والعلماء هم المسئولون عند الله لتركهم النهي عن المنكر وردع الجهّال عن مثل هذه الخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، ويبرأ منها كلّ شيعيّ خبير ، وقد أشار إلى بعض ما ذكرناه العلّامة المحدّث الميرزا حسين النوري قدسسره في مزاره المسمّى (تحيّة