البحث
البحث في مفاهيم القرآن
مسؤولية الحفاط على النظام الاجتماعيّ الذي يدعو إليه العقل ويطلبه العقلاء ، وينادون به.
والحقّ أنّ مجرّد الاعتقاد بضرورة حفظ النظام الاجتماعيّ وبحجّة أنّه يكفل سعادة الفرد والمجتمع ، من دون إقامة ( دولة ) ، لا يمنع من وقوع الاختلال في هذا النظام ، ولذلك فإنّ العقل نفسه يحتِّم على البشر أن يقيم جهازاً يعهد إليه حفظ النظام ، ولأجل ذلك لم يخل ـ كما قلنا ـ أي مجتمع بشريّ من دولة أو دويلة وزعيم كبير أو صغير يتكفّل إقرار النظام الاجتماعيّ المطلوب.
وهذا خير دليل على ، أنّ للشعوب بل عليها أن تقوم بتشكيل السلطات ... فهي إذن مصدرها ، وهذا هو بالضبط ما يؤكّده الإسلام ويؤيّده ، إذ الشرع كما يقولون يعضد العقل ويؤيّده فيما تكون فيه مصلحة الناس ومنفعتهم وخيرهم.
* * *
٦. سيرة المسلمين بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
إنّ الصحابة ـ بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أحسّوا بضرورة إقامة دولة وتشكيل جهاز حكوميّ يخلف القيادة النبويّة ، يلمّون به شعثهم ويحفظون به اجتماعهم ، فأقدموا على انتخاب رئيس من بينهم لزعامة الاُمّة وقيادة البلاد ، وإن كان ذلك لا يخلو من علّة وعلاّت ، كما أوضحناه.
إنّ الصحابة ـ وإن تناسوا وجود إمام منصوص عليه من جانب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد عيّن عليّاً عليهالسلام إماماً للمسلمين من بعده ، كما تدلّ الأخبار القطعيّة والأحاديث المتواترة (١) على ذلك ـ إلاّ أنّ فعلهم كان يدلّ في حدّ نفسه على أنّ الطريق الطبيعيّ لتأسيس الحكومة وإقامتها ، هو انتخاب الاُمّة للحاكم والقائد ، لولا النصّ.
* * *
__________________
(١) لقد أشرنا إلى بعض مصادر هذه النصوص في الصفحة ١٠٤ ـ ١٨١ من هذا الكتاب وتركنا الكثير.