فانفرجت ودخلها فانطبقت ولحقه العدوّ فناداهم ابليس الىّ فهذا زكريا داخل الشجرة ثم أخرج لهم هيئة المنشار فنشرت الشجرة حتى بلغ المنشار رأس زكريا فأنّ أنّه فأوحى الله اليه يا زكريا ان أنيت ثانية محوتك من ديوان النبوّة فصبر زكريا حتى نشر نصفين فقلت إلهى وسيدى لئن ابتليتنى لأصبرن وسرت حتى دخلت انطاكية فرآنى بعض اخوانى وعلم انى أردت السفر لاجل الرباط فدفع لى سيفا وترسا وحربة للسبيل وكنت يومئذ أحتشم مع الله أن آوى الى وراء سور فجعلت مقامى فى غار أكون فيه نهارا فاذا جن الليل خرجت الى شاطئ البحر وغرزت الحربة وأسندت الترس اليها محرابا وتقلدت بسيفى وأصلى الى الغداة فاذا صليت الفجر عدت الى الغار فكنت فيه نهارى فنظرت فى بعض الليالى الى شجرة بطم قد بلغ بعضه وقد وقع على بعضه الندى وهو يبرق فاستحسنته وأنسيت عهدى مع الله تعالى وقسمى أن لا أمدّ يدى الى شئ تنبته الارض فمددت يدى الى الشجرة فقطعت منها عنقودا وجعلت بعضه فى فمى ثم تذكرت العهد فرميت ما كان فى يدى ولفظت ما كان فى فمى ولكن بعد ان جاءت المحنة فرميت الحربة والترس وجلست فى موضعى ويدى على رأسى فما استقر بى الجلوس حتى دار بى فارسان ورجال كثيرون وقالوا لى قم وساقونى الى الساحل فاذا أمير وحوله عسكر وجماعة بين يديه من السودان كانوا يقطعون الطريق فى ذلك المكان وقد أمسكهم فلما مرت الخيل بالموضع الذى كنت فيه وجدونى أسود ومعى ترس وسيف وحربة فظنونى من السودان وقالوا لى من أنت فقلت عبد من عبيد الله تعالى فقالوا للسودان تعرفون هذا فقالوا لا فقال الأمير وكان تركيا بل هو رأسكم وأنتم تفدونه بأنفسكم فقدموهم وجعلوا يقطعون أيديهم وأرجلهم حتى لم يبق الا أنا فقدمونى ثم قالوا مد يدك فمددتها فقطعت ثم أرادوا أن يقطعوا رجلى فرفعت رأسى الى السماء وقلت إلهى يدى جنت فقطعت ورجلى ما بالها واذا بفارس وقف على الحلقة ونظر الىّ وألقى نفسه علىّ وصاح فقيل له فى ذلك فقال هذا أبو الخير المباحى فصاح الأمير ومن حوله ورمى الأمير بنفسه على رجلى يقبلها ويبكى ويقول بالله اجعلنى فى حل فقلت له أنت فى حل قبل أن تقطع يدى ومناقبه غير محصورة وكانت وفاته سنة نيف وأربعين وثلثمائة وبالتربة أيضا قبر الشيخ عبد الجليل الزيات وبالتربة أيضا قبر الشيخ عفيف الدين المعروف بالعطار وقيل إنه عند قبر زينب ابنة شعيب بن الليث بن سعد والأصح أنه بهذا المكان وهذا ما بالجهة الشرقية من تربة الشيخ مسلم وأما الجهة الغربية الملاصقة لتربة الشيخ مسلم فبها حوش الزعفرانى وبهذا الحوش قبر السيد الشريف