كل نقيب موكل بوظيفته فأحضروهم بين يدى الشيخ وصفوهم صفا فنظر اليهم الشيخ من أولهم الى آخرهم ثم قال اذا جاء الصبى الى المعلم ولوحه ممسوح كتب له المعلم واذا جاء ولوحه مملوء فأين يكتب له المعلم فالذى جاء به يرجع به ثم نظر نظرة أخرى وقال من شرب من ماء واحد سلم مزاجه من التغيير ومن شرب من مياه مختلفة لا يخلو مزاجه من التغيير وكان فى ذلك اشارة الى الجماعة اذ أشركوا بزيارته غيره قال أبو العباس فشكرت الله تعالى اذ عافانى من ذلك ثم أشار بيده الى الخدام فأقامونا بين يديه ثم أمر أصحابى بالانصراف وأفردنى فى مكان فيه جماعة من أصحاب الشيخ باشارته فرأيت دارا فيها أربعمائة شاب كلهم من سن خمس عشرة سنة فلما أتيت اليهم قالوا يا أخانا يا أحمد من حين خرجتم من بلدكم أطلعنا الله على أحوالكم وعرفنا كل واحد منكم بأى وصف جاء فلما كان اليوم الثانى صار قوم منهم يتجمعون فى موضع ويجعلون سماعا فأخذونى صحبتهم فلما اجتمعنا فى المكان أحضروا شيأ للأكل ثم قرأ انسان شيأ من كتاب الله ثم شرعوا فى السماع واذا باثنين قد دخلا المكان فأخذا واحدا من الجماعة وخرجا به ثم عادا فأخذا آخر ثم جاءا فأخذانى وخرجا بى الى الباب فوجدت متولى المدينة قائما على الباب وكتفه فى خد الباب الواحد وحربته فى الخد الثانى وزبانيته بين يديه وكلما خرج واحد يتسلمونه ويذهبون به الى المسجد فلما خرجت بقيت واقفا قدّام الوالى لا هو ينظرنى ولا زبانيته واذا الحائط الذى خلفه انشق واذا برجل عليه ثياب خضر أخذنى وأخرجنى من الحائط وقال انج أنت فما عليك من هؤلاء فذهبت الى الجامع فاذا البلد قد أرجف بأخذ الفقراء وكان السبب فى ذلك ان الشيخ قد نهى أصحابه أن يجتمعوا على تلك الصورة وكان ذلك بسبب مخالفتهم ثم أمر الشيخ بتخليتهم وبقيت أنا مستحى منهم كيف نجوت دونهم واذا بخادم الشيخ قد جاءنى وأدخلنى على الشيخ فوجدت الجماعة الذين كنت معهم حاضرين فجلست بين يدى الشيخ فقال الشيخ للجماعة ما منكم الا من يمشى على الماء ويطير فى الهواء لم لا عملتم مثل ما عمل هذا حين دخلوا عليه قال أبو العباس فشكرت الشيخ الذى مدحنى بهذا ثم انصرفنا فلما كان اليوم الثالث جاءنى الخادم وأحضرنى بين يدى الشيخ فلما جلست نظر الىّ الشيخ وأمدنى بما أمدنى ثم قال انصرف الى بلدك فقد استغنيت وقال رضى الله عنه سافرت الى اشبيلية فمنذ خرجت من بين يدى الشيخ انكشف لى العالم العلوى كشفا لا يحتجب عنى منه شئ وكنت أمشى على الارض وهى تحتى كالرغوة على وجه الماء وكان أهلى ومعارفى يختلفون فىّ فمنهم من يقول ما هو أحمد وكنت أدخل الى المسجد فأخلع نفسى