وكان حيوة بن شريح حاضرا فاستأذن الأمير فى الانصراف فقال له انصرف فى حفظ الله وكان أبو خزيمة اذا غسل ثيابه أو اغتسل يشتغل حسب ذلك ويقول انما أنا عامل للمسلمين فاذا اشتغلت فى غير عملهم فلا يحل لى أن آخذ شيأ وكان له فى كل شهر دينار وسئل بثمانين دينارا فأبى وقال ليس لى حاجة إلا بهذا وحكى انه كان يصنع فى كل يوم رسنين فينفق ثمن أحدهما على نفسه وعائلته ويرسل ثمن الآخر الى اخوانه بالاسكندرية فتعوّق مرة ولم يرسل اليهم شيأ فأرسلوا اليه يقولون (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) ألهتك الدنيا حتى قطعت ما بينك وبين الله تعالى وقيل انه استخلف عبد الله بن هلال الحضرمى وكان عبد الله بن هلال يجلس للناس فى المسجد الأبيض صاحب المنارة التى تلى الصخرة يعرف بمسجد مسلمة بن مخلد وقدم عون بن سليمان فأقرة نائبا له فحكم بين الناس حتى مات عبد الله بن هلال فقال بعضهم انه فى مقبرة الحضارمة وقال ابن الجباس إن قبره عند قبر الرفا قبلى الأدفوى قال المؤلف وسيأتى الكلام عليه عند ذكر النقعة. ثم ولى عبد الله ابن لهيعة الحضرمى قيل انه بمقبرتهم وقيل انه بسفح المقطم وقيل انه فى النقعة الكبرى هو وأخوه عباس بن لهيعة وسيأتى الكلام عليه ان شاء الله تعالى ثم ولى يونس بن عطية الحضرمى كانت له حلقة فى العلم ثم استناب رجلا من تجيب فبلغه عنه أنه قام لرجل فى المجلس فعزله وقال ليس على هذا مضى السلف وكان كثير تلاوة القرآن قال يونس ابن عطية لأصحابه إياكم والشح فانه أهلك من كان قبلكم وكان يقول لا يأمر بالبخل إلا ذو القطيعة والفجور وحكى أنه سمع ممن حضر خطبة الزبير بن العوّام بالبصرة فقال أيها الناس ان النبى صلىاللهعليهوسلم نظر الىّ وقال يا زبير انفق ولا توكى يوكى عليك ووسع يوسع عليك ولا بضيق يضيق عليك واعلم يا زبير ان الله يحب الانفاق ولا يحب الأقتار ويحب السماحة وهى ثمرة الشجاعة توفى رضى الله عنه سنة ست وثمانين (١) واختلف أهل التاريخ فيمن ولى بعده فمنهم من قال ولى ابن أخيه ومنهم من قال بل ولى بعده ولده والله أعلم ثم ولى لهيعة بن عيسى بن لهيعة الحضرمى فلم يزل قاضيا حتى قدم المطلب بن عبد الله بن مالك فوجده قد اشترى حزمة بقل من السوق فقال لا يصلح أن يكون هذا قاضيا فعزله فى أول سنة ثمان وتسعين ومائة وولى المطلب بن فضل بن غانم وقيل الفضيل فأقام سنة أو نحوها ثم سجن رجلا من الجند عليه دين لأهله فبعث اليه الامير يقول له أطلقه فقال لا فعزله ثم أعاد عيسى (٢) بن لهيعة فلم يزل قاضيا حتى مات فى سنة (٣) أربع وثمانين
__________________
(١) لعله ومائه بدليل ما بعده
(٢) اسمه فيما سبق لهيعة بن عيسى
(٣) هذا خطأ مع قوله السابق فعزله فى أول سنة ١٩٨