وتمنع إفساده وصرفه في غير الوجوه اللائقة بأفعال العقلاء ، لا مطلق الإصلاح ، فإذا تحققت الملكة المذكورة مع البلوغ ارتفع عنه الحجر (وإن كان فاسقا) (١) على المشهور ، لإطلاق الأمر بدفع أموال اليتامى إليهم بإيناس الرشد من غير اعتبار أمر آخر معه. والمفهوم من الرشد عرفا هو إصلاح المال على الوجه المذكور وإن كان فاسقا.
وقيل : يعتبر مع ذلك العدالة فلو كان مصلحا لماله غير عدل في دينه لم يرتفع عنه الحجر ، للنهي عن إيتاء السفهاء المال ، وما روي أن شارب الخمر
______________________________________________________
وفي القواعد وعن غيرها أنه كيفية نفسانية تمنع من إفساد المال وصرفه في غير الوجوه اللائقة بأفعال العقلاء ، وكثير منهم ممن فسره بالإصلاح قد أخذ الملكة فيه في مقام آخر ، وجميع ذلك عند التأمل فضول لوفاء العرف في مصداقه فليس من وظائف الفقيه البحث فيه فضلا عن الإطناب). انتهى.
(١) هل يشترط في الرشد العدالة أو لا ، فعن الشيخ والراوندي وأبي. المكارم وفخر الإسلام الاشتراط ، لقوله تعالى : (وَلٰا تُؤْتُوا السُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ) (١) ، مع ضميمة ما ورد (أن شارب الخمر سفيه) وهو ما رواه العياشي في تفسيره عن إبراهيم بن عبد الحميد قال (سألت أبا جعفر عليهالسلام عن هذه الآية قال : كل من شرب الخمر فهو سفيه) (٢) ، فيثبت في غير شارب الخمر ممن يرتكب المعصية أنه سفيه إذ لا قائل بالفصل ، ولما روي عن ابن عباس في قوله تعالى : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) (٣) قال : (هو أن يبلغ ذا وقار وحلم وعقل) (٤).
والمشهور على عدم اعتبار العدالة ، لأن مفهوم الرشد عرفي ، وهو خال عن اشتراط العدالة ، ولأن الكافر لا يحجر عليه بكفره فالفاسق أولى ، ولأن الأمر بإيتاء المال عند إيناس الرشد في الآية المتقدمة (٥) غير مقيد بالعدالة فهو مطلق ، ورواية العياشي مرسلة ، وما روي عن ابن أبي عباس غير ثابت ، وعلى تقديره فهي مقطوعة غير صالحة للحجية.
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٥.
(٢) الوسائل ـ ٥٣ من كتاب الوصايا حديث ٢.
(٣) سورة النساء ، الآية : ٦.
(٤) الدر المنثور ج ٢ ص ١٢١.
(٥) سورة النساء ، الآية : ٦.