كاستواء طرفي العنان ، أو تساوي الفارسين فيه إذا تساويا في السير ، أو لأن كل واحد منهما يمنع الآخر من التصرف حيث يشاء كما يمنع العنان الدابة ، أو لأن الأخذ بعنانها يحبس إحدى يديه عليه ويطلق الأخرى كالشريك يحبس يده عن التصرف في المشترك مع انطلاق يده في سائر ماله.
وقيل : من عنّ إذا ظهر ، لظهور مال كل من الشريكين لصاحبه أو لأنها أظهر أنواع الشركة. وقيل : من المعانّة وهي المعارضة ، لمعارضة كل منهما بما أخرجه الآخر.
(لا شركة الأعمال) (١) بان يتعاقدا على أن يعمل كل منهما بنفسه ، ويشتركا في الحاصل ، سواء اتفق عملهما قدرا ونوعا (٢) أم اختلف فيهما (٣) أم في أحدهما ، وسواء عملا في مال مملوك (٤) أم في تحصيل مباح (٥) ، لأن كل واحد
______________________________________________________
(١) وهي المسماة بشركة الأبدان ، بأن يقع العقد بين اثنين على أن يكون أجرة عمل كل منهما مشتركا بينهما ، سواء اتفقا في العمل كخياطين ، أم اختلفا كالخياط مع النّساج ، وكذلك تحصل الشركة المذكورة فيما لو وقع العقد بينهما على أن ما يحصله أحدهما كالحيازة فهو لهما على نحو الاشتراك.
فهذه الشركة باطلة ويختص كل منهما بأجرته وبما حازه ، بلا خلاف في ذلك إلا من ابن الجنيد ، ودليلهم الإجماع بعد عدم الدليل الخاص على الجواز من الكتاب والسنة ، هذا فضلا عن عدم تحقق موضوع الشركة هنا ، إذ موضوعها المال المشترك وفي هذه الشركة لم يتحقق مزج ماليهما بل كل ما يحصله أحدهما متميزا عما يحصله الآخر فيكون لصاحبه ، لا له ولشريكه.
نعم ما أورده العلامة في التذكرة (من شركة سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر فيما يغنمونه ، فأتى سعد بأسيرين ولم يأتيا بشيء ، فأقرهم النبي صلىاللهعليهوسلم وشركهم جميعا) غير ثابت من طرقنا ولا يوجد له جابر.
(٢) كأن يكون أجرة كل منهما بقدر أجرة الآخر مع كونهما خياطين
(٣) كأن يكون أحدهما خياطا والآخر نساجا ، وكان أجرة أحدهما أكثر من الآخر ، وهذا كله إشارة إلى خلاف بعض العامة ، فمنهم من منع من صحتها مطلقا موافقا للإمامية ، ومنهم من أجازها مطلقا مع اتفاق الصيغتين لا مع اختلافها ، ومنهم من أجازها في غير اكتساب المباح.
(٤) وكان مملوكا للغير كالخياط والنساج.
(٥) كالحيازة.