لوجوب (١) حفظ المال عن التلف ، هذا هو الذي يقتضيه إطلاق العبارة (٢) وهو أحد القولين في المسألة.
والأقوى أنه مع النهي لا يضمن بالترك ، لأن حفظ المال إنما يجب على مالكه (٣)
______________________________________________________
نفسا محترمة فيكون حفظها حقا لله وإن أسقط المالك حقه منها بالنهي ، بالإضافة إلى أن إتلاف المال منهي عنه فنهيه كالعدم ولذا قال في المسالك : (ولا إشكال في وجوبهما مع النهي) انتهى ، وإنما الكلام في شيئين :
الأول : فلو أنفق الودعي مع النهي هل يرجع على المالك أو لا ، ومقتضى القواعد جواز الرجوع لأن الودعي محسن ولا سبيل على المحسنين فلا يلزم بكون النفقة عليه ، ولكن بما أن المالك له حق التصرف في بقية ماله فلا سبيل للودعي على ماله حتى يرجع عليه بغير إذنه فلذا إذا استطاع الودعي التوصل إلى إذن المالك بالنفقة أو إذن وكيله فهو ، وإلا رفع أمره إلى الحاكم ، فإن تعذر أنفق هو وأشهد عليه ويرجع مع نية الرجوع ، ولو تعذر الإشهاد اقتصر على نية الرجوع ، فاشتراط إذن المالك أو وكيله لعدم تسلط الودعي على بقية مال المالك ، واشتراط إذن الحاكم لأنه ولي الممتنع ، واشتراط الإشهاد من باب الإرشاد بمعنى لو ادعى الودعي النفقة وأنكر المالك لأمكن للودعي إثبات حقه بالبينة ، واشتراط نية الرجوع لئلا يكون عمله تبرعا ، ولا رجوع مع التبرع.
الأمر الثاني : لو ترك الودعي العلف والسقي مع النهي فهل يضمن أو لا ، ذهب المحقق وجماعة إلى عدم الضمان لأن الدابة للمالك ومع النهي المذكور فيكون المالك قد أسقط الضمان عنه كما لو أمره بإلقاء ماله فى البحر ، غايته أن الودعي مأثوم لتركه حق الله تعالى.
وقيل : يضمن ، وفيه ما قاله في الجواهر : (خلافا لبعض فأجرى حكم الوديعة مع النهي إلا أنه كما ترى ، للأصل ـ أي البراءة من الضمان ـ بعد انصراف دليل الضمان إلى غيره) انتهى.
وأما لو أطلق المالك بحيث لم يأمر بالعلف والسقي ولم ينهى ، فوجوب السقي والعلف ثابت على الودعي لأنهما من مقدمات الحفظ الواجب ، وعليه فلو أنفق وأراد الرجوع فله ذلك كما فصّل سابقا عند نهي المالك.
(١) تعليل للضمان في الصور الثلاثة.
(٢) أي عبارة المصنف.
(٣) بالذات ، وما وجوب الحفظ على الودعي إلا بالعرض ، فيثبت عند عدم النهي ويسقط مع النهي.