أن الحرز مشروط بأمور أخر (١) ، هذا منها. وفي حكم العفن الموضع المفسد كالنّدي للكتب.
وضابطه ما لا يصلح لتلك الوديعة عرفا بحسب مدة إقامتها فيه ، (أو ترك سقي الدابة ، أو علفها (٢) ما لا تصبر عليه عادة) ، ومثلها المملوك.
والمعتبر السقي والعلف بحسب المعتاد لأمثالها ، فالنقصان عنه تفريط ، وهو المعبر عنه بعدم صبرها عليه ، فيضمنها حينئذ (٣) ، وإن ماتت بغيره (٤).
ولا فرق في ذلك (٥) بين أن يأمره (٦) بهما (٧) ، ويطلق ، وينهاه (٨) ،
______________________________________________________
(١) كما تقدم أن الصندوق المقفل حرز للنقد ولكن مع خوف السرقة فيحتاج مع إقفاله إلى حراسته أو نقله ، وكذلك هنا فالموضع المعين حرز للأقمشة أو الكتب إلا أن عفونته أو رطوبته تمنع من وضع الوديعة فيه مدة بحيث يؤثر العفن أو الرطوبة.
(٢) عطف على ما (لو أهمل) فيضمن ، هذا واعلم أنه يجب على الودعي سقي الدابة وعلفها بما يحفظ نفسها ، بلا خلاف فيه ، لأن علفها وسقيها من مقدمات حفظها الواجب عليه ، واعلم أن المراد بالدابة هنا مطلق الحيوان المحترم ، وأولى منه ما لو كانت الوديعة آدميا كالعبد ، وعليه فإذا وجب على الودعي العلف والسقي وأهمل ، فإما أن تموت الدابة وإما أن تهزل فتنقص قيمتها ، وعلى الأول فيضمن قيمتها لتحقق التفريط ، وكذا على الثاني فيضمن نقصانها ، بل لو ترك العلف أو السقي فماتت بغير ذلك فهو ضامن أيضا ، لأنه بالترك المذكور يصير ضامنا لأن يده حينئذ يد عدوان فتندرج تحت عموم (على اليد) (١) وإن ماتت بغير هذا ، وقال في المسالك : (هذا هو الذي تقتضيه قواعد الوديعة) انتهى.
(٣) أي حين التقصير المذكور.
(٤) أي بغير النقصان المذكور.
(٥) أي في الضمان.
(٦) أي يأمر المالك الودعي.
(٧) بالعلف والسقي.
(٨) اعلم أن وجوب السقي والعلف ثابت على الودعي لأنهما من مقدمات الحفظ ، غايته لو أنفق الودعي رجع على المالك بما غرّم ، والرجوع عليه عند وجود أمره واضح ، ثم مع النهي يبقى وجوب العلف والسقي ثابتا على الودعي ، لكون الوديعة ذا كبد حراء ولكونها
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ٩٠