الانتفاع به إلا بذهاب عينه كالأطعمة. ويستثنى من ذلك المنحة (١) وهي الشاة المستعارة للحلب ، للنص.
وفي تعديه إلى غيرها من الحيوان المتخذ للحلب وجهان (٢) ، والاقتصار فيما خالف الأصل على موضع اليقين أجود.
(وللمالك الرجوع فيها متى شاء (٣) ،
______________________________________________________
(١) المنحة بالكسر ، وهي العطية قال في مصباح المنير : (المنحة ـ بالكسر ـ في الأصل الشاة أو الناقة يعطيها صاحبها رجلا يشرب لبنها ثم يردها إذا انقطع اللبن ، ثم كثر استعماله حين أطلق على كل عطاء) انتهى.
والمنحة بالمعنى المتقدم على ما في المصباح مما تجوز إعارتها بلا خلاف فيه ، بل عليه الإجماع كما عن جماعة وإن كانت على خلاف الأصل ، لأن اللبن المقصود من الإعارة هو عين لا منفعة فهو يستعير الشاة ليستفيد من عين بها ، فلذا كانت على خلاف الأصل ، والدليل هو الإجماع إلا أن في التذكرة استدل على جوازها بالنبوي المروي عن العامة (العارية مؤداة ، والمنحة مردودة ، والدين يقضى ، والغريم غارم) (١) والنبوي الدال على ردها دال على مشروعيتها.
(٢) وظاهرهم التعدية إلى غير الشاة من البقر والماعز والناقة ولذا قال في المسالك : (وعدوا الحكم إلى غير الشاة مما يتخذ للحلب من الأنعام وغيرها) انتهى ، وعدّى العلامة في التذكرة إلى جواز إعارة الغنم للانتفاع بصوفها ونحو ذلك ، وتنظر الشارح في المسالك بالتعدية ، لأن الحكم في المنحة على خلاف الأصل فيقتصر فيه على مورد الوفاق واليقين وهو إعارة الشاة للبنها فقط. هذا وقد قيل إن المنفعة أمر عرفي وقد تعد بعض الأعيان منفعة وإن كانت هي عين ، كاللبن في الشاة فإنه بنظر العرف منفعة وليس عينا ، وعليه فالمنحة عارية لا تحتاج إلى دليل سوى دليل مشروعية مطلق العارية ، لأن العين المستعارة هي الشاة وهي لا تتلف ، وما يتلف هو من قبيل المنفعة وليس هو مورد العارية ، وعليه فيجوز التعدي إلى غير الشاة ويجوز التعدي إلى غير اللبن ، لكون غير اللبن من الصوف والوبر والشعر من قبيل المنافع لا الأعيان.
(٣) عقد العارية جائز من الطرفين بلا خلاف فيه ، لأن قوامه الاذن بالإباحة ومن الواضح جواز الرجوع بالاذن ويلزمه جواز الرجوع عن الرضا به الذي هو قوام القبول ، وعليه فيجوز لكل من المتعاقدين فسخ العارية متى شاء ، ويستثنى من ذلك موارد.
__________________
(١) المغني لابن قدامة ج ٥ ص ١٨٣.