وإنما يحبس مع دعوى الإعسار قبل إثباته (١) لو كان أصل الدين مالا كالقرض ، أو عوضا عن مال كثمن المبيع ، فلو انتفى الأمران كالجناية والإتلاف قبل قوله في الاعسار بيمينه ، لأصالة عدم المال وإنما أطلقه (٢) المصنف اتكالا على مقام الدين في الكتاب (٣) ، (فإذا ثبت) إعساره (خلّي سبيله) ، ولا يجب عليه التكسب (٤) لقوله تعالى : (وَإِنْ كٰانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلىٰ مَيْسَرَةٍ).
(وعن علي عليه الصلاة والسلام) بطريق السكوني أنه كان يحبس في الدين ثم ينظر فإن كان له مال أعطى الغرماء ، وإن لم يكن له مال دفعه إلى الغرماء فيقول : اصنعوا به ما شئتم (إن شئتم فآجروه ، وإن شئتم استعملوه ، وهو يدل)
______________________________________________________
(١) أي قبل إثبات الإعسار وقد تقدم شرحه.
(٢) أي الحبس.
(٣) إذ الكتاب كتاب الدين والجنابة والإتلاف لا تسمى دينا.
(٤) إذا ثبت إعساره فلا بدّ أن ينظر إلى ميسرة لقوله تعالى : (وَإِنْ كٰانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلىٰ مَيْسَرَةٍ) (١) ، ولخبر غياث عن جعفر عن أبيه عليهالسلام (أن عليا عليهالسلام كان يحبس في الدين فإذا تبين له حاجة وإفلاس خلّى سبيله حتى يستفيد مالا) (٢) ، وخبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهمالسلام (أن امرأة استعدت على زوجها أنه لا ينفق عليها وكان زوجها معسرا ، فأبى أن يحبسه وقال : إن مع العسر يسرا) (٣). وقد أطلق جماعة من الأصحاب منهم الشيخ وابن إدريس أنه لا يجب عليه التكسب أيضا ولا قبول الهبة ولا الصدقة ونحوهما.
وعن أبي حمزة والشهيدين والمحقق الكركي أنه يجب التكسب واستجوده العلامة في المختلف ، ولكن التكسب الواجب هو ما يليق بحاله ، ولو بمؤاجرة نفسه ، لأن وجوب قضاء الدين على القادر مع المطالبة ثابت والمكتسب قادر ولذا تحرم عليه الزكاة ، ويشهد له خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عليهالسلام (أن عليا عليهالسلام كان يحبس في الدين ثم ينظر فإن كان له مال أعطى الغرماء ، وإن لم يكن له مال دفعه إلى الغرماء فيقول لهم : اصنعوا به ما شئتم ، إن شئتم واجروه ، وإن شئتم استعملوه) (٤).
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٠.
(٢ و ٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب أحكام الحجر حديث ١ و ٢.
(٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب أحكام الحجر حديث ٣.