الحكم عليه : بأنه ـ والعياذ بالله من التفوه بالكفر ـ قد باء بغضب من الله ، وفقا لقوله تعالى : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١).
قال دحلان : «وقد أجمعت الصحابة : أنه «صلىاللهعليهوآله» ما انهزم مع من انهزم ، بل صار يقدم في وجه العدو. بل ما انهزم في موطن قط ، وانعقد الإجماع على ذلك.
وقال القاضي أبو عبد الله بن المرابط : من قال : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» هزم يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل لأنه ينتقصه (٢).
ولعل الذي دعاهم إلى ذلك هو : أن يخففوا من وطأة الإشكال على الصحابة ، الذين يحبونهم ، وقد ولوا مدبرين في حنين ، والرسول يدعوهم في أخراهم ، فلا يستجيبون له ، بل إن بعضهم بلغ في هزيمته إلى مكة نفسها.
ويؤيد ما نقول ، ما سيأتي : من أن بعضهم يحاول إبعاد التهمة عن عمر في أمر الهزيمة ، وأنه مرّ عليه ، ولم يكن مع المنهزمين.
لا عذر لأحد في الهزيمة :
ثم إن من يقرأ نصوص الهزيمة يلاحظ : أن ثمة حرصا على التهويل والتعظيم لأمر الأعداء ، وأنهم كانوا رماة ، لا يكاد يسقط لهم سهم ، وأنهم قد
__________________
(١) الآية ١٦ من سورة الأنفال.
(٢) إمتاع الأسماع ج ١٤ ص ٣٧٨ والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج ٢ ص ٢١٩ وسبل الهدى والرشاد ج ٧ ص ٤٧ وج ١٢ ص ٤٥ وراجع : السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج ٢ ص ١١١.