العلم بالمطلوب.
٤ ـ ومتعلق العلم الذي يريده «صلىاللهعليهوآله» من ابن أبي حدرد هو أيضا نفس علمهم ، أي أنه يريد منه أن لا يكتفي بالحدسيات ، وبالإمارات والقرائن ، ولا بالظنون مهما بلغت قوتها .. ولا بالاستنتاجات المستندة إلى الإجتهاد ، بل المطلوب هو : أن يصبح علمه بما عزموا عليه هو نفس علمهم. وكأنه ينقل إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» نفس علمهم.
وهذا غاية في الإحتياط ، ومنتهى في الدقة.
موقف عمر من ابن أبي حدرد :
ولا ندري السبب في هذا الموقف الغريب والعجيب ، الذي اتخذه عمر بن الخطاب من ابن أبي حدرد!! فإن هذه القضية قد حملت معها الكثير من الدلالات اللافتة والمثيرة .. ونستطيع أن نشير هنا إلى الأمور التالية :
الأمر الأول : سؤال النبي صلىاللهعليهوآله :
فقد لاحظنا : أنه «صلىاللهعليهوآله» بعد أن سمع ما نقله ابن أبي حدرد عن مالك بن عوف ، قال لعمر : ألا تسمع ما يقول ابن أبي حدرد؟
وقد يكون التفسير الطبيعي لهذا السؤال هو : أنه «صلىاللهعليهوآله» أراد توجيه عمر إلى خطة مالك بن عوف ، التي رسمها لأصحابه لمهاجمة أهل الإسلام.
غير أنه يمكن أن يفسر ذلك بطريقة أخرى ، وهي : أنه «صلىاللهعليهوآله» أراد استدراج عمر ، ليفصح عن دخيلة نفسه. وهذا ما حصل فعلا.