وهذا ما لا يمكنهم تحمله والرضا به لأنفسهم.
فأسمع أولهم وآخرهم :
وحين نادى النبي «صلىاللهعليهوآله» الفارين : أين ما عاهدتم الله عليه؟! أسمع أولهم وآخرهم ، ليقيم الله عليهم الحجة بذلك. لأنها معجزة تثبت صدق هذا النبيّ العظيم «صلىاللهعليهوآله» من جهة. وتذكرهم بما يحفزهم للثبات والتصدي من جهة أخرى ، فلم يعد يمكن لأي منهم أن يقول : إن الخوف أنساني كل شيء ، ولو أنني التفت لهذه الأمور في تلك اللحظات لكان لي موقف آخر.
عاهدوا الله ورسوله :
والذي يراجع النص الذي أورده الشيخ المفيد «رحمهالله» ، يلاحظ : أنه «صلىاللهعليهوآله» لم يقل : اذكروا العهد الذي عاهدتموني عليه ، بل قال :
اذكروا العهد الذي عاهدتم عليه رسول الله .. فيكون بذلك قد تجنب الإيحاء بأن الأمر يرتبط به كشخص ، وأثار في الأذهان صورة عن ارتباط الموضوع بالله تعالى ، حين ذكروا : أن العهد كان معه بما أنه رسول الله ، لا بما له من صفة شخصية.
ولكنه حين ظهرت معجزته لهم ، ورأوا شاهد نبوته عيانا ، حيث رأوا وجهه في الظلمات ، فأضاء كأنه القمر ليلة البدر ، عاد فذكّرهم بالعهد ، ولكنه ربطه بالله مباشرة ، ولم يعد ثمة من حاجة إلى تحديد دوره في هذا الأمر. فإن المعجزة قد حددت ذلك ، وعرفتهم برسوليته «صلىاللهعليهوآله» ، ولا بد أن ينتهي كل شيء إليه تبارك وتعالى ..