إن هذه السورة هي أول سورة نزلت في المدينة ، فلعل هذا النداء يرمي إلى تذكيرهم ببعض آياتها التي تقول : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) (١) ، وتقول : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ) (٢).
وتقول : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (٣).
كما أن هذه السورة تضمنت أيضا : حديثا عن المؤمنين الذين يؤمنون بالغيب ، ويوقنون بالآخرة ، وسائر العقائد ، وحديث المنافقين ، وعن مختلف قضايا التشريع ، وحقائق الدين.
غير أننا نقول :
لعل القول بأن المراد التذكير بقوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) هو الأنسب بقوله : يا أهل بيعة الشجرة ، ويا أصحاب السمرة.
وبقوله : ذكّرهم بالعهد.
وقوله : إلى أين تفرون؟ أذكروا العهد الذي عاهدتم.
وقوله : يا أصحاب البيعة يوم الحديبية .. ونحو ذلك ..
فإن مثل هذا كله يدل على : أن المقصود هو : إلزامهم بعهدهم ، ليكون ذلك حافزا لهم على العودة إلى ساحات الجهاد.
كما أنه يتضمن قدرا من التهديد بأن الله تعالى سوف يعاملهم بالمثل ،
__________________
(١) الآية ٤٠ من سورة البقرة.
(٢) الآية ٢٤٩ من سورة البقرة.
(٣) الآية ٢٠٨ من سورة البقرة.