مسير رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إليها ، أو أنها قد قررت جمع الجموع والحرب بعد فتح مكة ..
فلعل الصحيح هو : أنها قد بدأت بالتهيؤ للحرب قبل سنة ، ثم زادت وتيرة هذا الاستعداد بعد ما بلغها مسير النبي «صلىاللهعليهوآله» إليها .. ثم جددت خيار المبادرة والدخول في الحرب بصورة فعلية بعد فتح مكة.
دوافع هوازن :
لقد بات واضحا : أن هوازن لم تكن تريد بحربها لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» وللمسلمين أن تحقّ حقا ، أو تبطل باطلا ، كما أنها لم تكن تريد الدفاع عن نفس أو عرض ، أو مال ، أو أرض ، ولا الدفاع عن حرية أو كرامة ، ولا عن جاه وزعامة ، ولا دفاعا عن قيم إنسانية ، أو عن حقائق إيمانية ، أو ثأرا لعدوان سابق عليهم. وإنما كانت حرب العصاة البغاة ، والمعتدين الطغاة ، وحرب الأجلاف الجفاة ، والعتاة القساة.
إنهم يخوضون حربا يقرر زعماؤهم ، وأصحاب الرياسة فيهم زجّهم فيها ، ويفرضونها عليهم ، وحملهم على مواجهة ويلاتها ، وتحمل تبعاتها ..
ولو أنهم تركوا الأمور تسير على طبيعتها ، فإن غاية ما كان سيفعله معهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» هو : أن يعرض عليهم ما يدعو إليه ، ويقدم لهم الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة عليه ، ويبقى خيار القبول أو الرفض عائدا إليهم ، وفقا للشعار الذي طرحه الإسلام في قوله تعالى :
(لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) (١).
__________________
(١) الآية ٢٥٦ من سورة البقرة.