على حياة الناس ، وعلى تفكيرهم ، وفي أعماق الروح لدى جميع المكيين ، حيث لا بد أن يدركوا أنهم أمام تحد هائل ومصيري ، قد أصبح في طور التبلور ، بصورة عملية ولا بد من التعاطي معه بمسؤولية ، وعقلانية ، واستيعاب تداعياته بحكمة وروية ، وبحنكة وأناة ، ولم يعد مسموحا لأحد أن يتصرف وفق هواه ، ومشتهاه.
وخروج جميع أهل مكة إلى حنين يدل على أن الناس بدأوا يسعون للمشاركة ، ولو على مستوى المشاعر ، والعواطف ، وأنهم يرصدون التحولات التي تلف منطقتهم ، وتهيمن على محيطهم بحرص واهتمام بالغ ، وإن كانت أغراضهم من ذلك تختلف وتتفاوت ، وكثير منهم إنما يبحثون عن الغنائم والمكاسب. ولكن قسما كبيرا لم يكن يفكر بهذه الطريقة ..
وهذا يعطينا تفسيرا معقولا ومقبولا لخروج طائفة من الناس ـ حتى النساء ـ إلى حنين ، على غير دين ، نظارا ينظرون. على حد تعبير النص المذكور آنفا ..
الغنائم هي الهدف :
وعن الذين خرجوا يرجون الغنائم ، نقول :
إننا لا نستطيع أن نتعقل طمع المشركين بأموال حلفائهم ، ومن يرونهم إخوانا لهم ، ومن هم على دينهم ، وجيرانهم. ومن هم وإياهم في خندق واحد في حرب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» من معه أهل الإيمان .. نعم .. لا يمكن تعقل ذلك ، إلا على أساس انعدام الحس الإنساني ، وتلاشي حركة الضمير والوجدان لديهم.