الدين وأهله. وقد كانوا يرون بأم أعينهم المعجزات القاهرة للعقول ، أو الكرامات الظاهرة الآسرة للوجدان ، الموقظة للضمير.
فما معنى : أن يتعامى أولئك الناس عن كل مظاهر هذه العناية الإلهية ، والرعاية الربانية ، ويتجهون نحو تزوير الحقائق ، وإخفاء أمرها ، وتدنيس طهرها ..
فهل يرجع هذا إلى ضعف في بصيرتهم ، أو إلى خذلان رباني لهم ، حجبهم عن الحقائق ، أو حجبها عنهم ، على قاعدة : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) (١) ، و (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) (٢).
إن الإجابة الصحيحة والصريحة عن ذلك ، هي : صحة ووقوع كلا هذين الأمرين ، نعوذ بالله من الخذلان ، ومن سوء العاقبة وعذاب الخزي في الدنيا والآخرة ..
دريد بن الصمة في محكمة الوجدان :
إن كلام دريد بن الصمة مع مالك بن عوف فيما يرتبط برسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وبموقعه ، وبما حققه من إنجازات يشير إلى معرفته التامة بما يجري في المنطقة ، وبما آلت إليه الأمور بعد تلك الحروب الطويلة ، التي خاضها المسلمون مع أعدائهم من مختلف الأديان والأجناس ، وفي جميع المواقع ..
كما أنه قد أظهر خبرة غير عادية بحالات القبائل ، وسياسات الناس
__________________
(١) الآية ٥ من سورة الصف.
(٢) الآية ١٧ من سورة محمد.