ولكن لطالما ظهر : أن هذه الإدعاءات مبالغ فيها ، وأن مطابقة الأفعال للأقوال تكاد لا تتحقق إلا لدى أقل القليل منهم ، فإن الأغراض لدى أكثرهم لم تكن هي الشهادة والدفاع عن الدين بقدر ما كانت هي الحصول على حطام الدنيا ، سواء في ذلك الغنائم ، أو السبايا ، أو المقامات ، أو ما إلى ذلك ..
الثاني : أن ثمة أناسا صالحين وصادقين في مقاصدهم ، وفي اندفاعهم لنصرة الدين وأهله. ولكن حين ينتهي الأمر إلى مواجهة البلايا ، والرزايا ، وحين تعضهم الحرب بنابها ، وتعصر قلوبهم الآلام والمصائب ، وتواجههم المتاعب والنوائب ، فإنهم يضعفون ، ويتراجعون ، ويصير همهم تخليص أنفسهم مما هم فيه .. لأنهم لا يصبرون على ما أصابهم ، ولا يحتسبون ثواب ذلك عند الله ..
العرب تباغت على النبي صلىاللهعليهوآله :
وروي بسند صحيح عن أبي عبد الله «عليهالسلام» أنه قال : ما مرّ بالنبي «صلىاللهعليهوآله» يوم كان أشد عليه من يوم حنين ، وذلك أن العرب تباغت عليه (١).
فهذه الرواية تشير إلى أمر هام ، وهو : بغي العرب مجتمعين على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في خصوص حنين.
ولعل فهم هذه الرواية سيكون صعبا للوهلة الأولى ، لأن المفروض : أنه
__________________
(١) البحار ج ٢١ ص ١٨٠ وعن علل الشرايع ص ١٥٨ و (ط المكتبة الحيدرية) ج ٢ ص ٤٦٢.