فليتأمل الرجل الأريب في هذه الحادثة ، فهي في نفس الوقت الذي تبدو فيه شديدة القرب إلى حد البداهة ، فإنها تبقى بعيدة المنال عن أفهام الرجال ، إلا الكمّل منهم ، الذين زقوا العلم زقا. فكانوا حفظته حقا وصدقا.
ما هو سبب هزيمة المشركين؟! :
ويبقى هنا سؤال ، وهو : أن الهزيمة هل كانت بسبب إلقاء النبي «صلىاللهعليهوآله» الحصى في وجوه المشركين ، كما هو صريح عدد من تلك الروايات ، أو كان سببها قتل علي «عليهالسلام» أبا جرول ، كما هو صريح الرواية التي ذكرت ذلك أيضا؟! وكيف نحل هذا التناقض القائم بين الروايات؟!
ويمكن حله بأن يقال : إنه لا إشكال في أن قتل أبي جرول ، وجهاد علي «عليهالسلام» كان هو السبب في هزيمة المشركين بصورة فعلية ..
ولكن رمي التراب في وجوه اهل الشرك ، ووصول التراب إلى أعينهم جميعا يمثل معجزة كبرى لهم ، وحجة بالغة عليهم ، إذ إن وصول التراب أو الحصى لجميعهم وهم عشرات الألوف ، برمي كف واحد منه ـ أو أكف بناء على تعدد الرمية كما تقدم في وجوه الجمع من أخبار الرمي ـ يدل بصورة قاطعة على أن هذا الأمر قد تم بتدخل وتصرف إلهي ، ولا بد أن يكون ذلك
__________________
ج ٣٥ ص ٤١٦ وراجع ص ٤١٥ وجامع المدارك ج ٥ ص ٧٩ وتفسير العياشي ج ٢ ص ٨٤ وتفسير نور الثقلين ج ٢ ص ١٩٦ و ١٩٧ وراجع : الكافي ج ٧ ص ٤٦٣ ومختلف الشيعة ج ٨ ص ١٨٧ والحدائق الناضرة ج ٢٢ ص ٤٦٥ وتهذيب الأحكام ج ٨ ص ٣٠٩ ومناقب آل أبي طالب ج ٣ وص ٥٠٦ وغوالي اللآلي ج ٢ ص ٣١٤ ومستدرك سفينة البحار ج ٩ ص ٦٦ وتفسير الميزان ج ٩ ص ٢٢٩.