وأحوالهم .. وتنبأ بما تكون عليه الحال ، لو التقى الناس في ساحات القتال ، وتنبأ بأن مالكا سيترك أصحابه ، ويلجأ إلى حصن الطائف ، وهذا ما حصل فعلا.
فإذا كان هذا الرجل يملك هذه الخبرة العالية ، ويعرف : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» رجل كريم ، فلماذا يستجيز لنفسه قتال الرجل الكريم ، من دون ذنب أتاه إليه ، ولا إلى غيره ، سوى أنه يدعوه إلى الحق والخير والهدى؟!
وإذا كان يعرف أيضا : أن هذا النبي قد أوطأ العرب ، وخافته العجم ، وخافه من في الشام.
ويعرف : أنه أجلى يهود الحجاز : إما قتلا ، أو خروجا على ذل وصغار.
ويعرف : أن الحرب مع محمد «صلىاللهعليهوآله» ليست مجرد عبث يتلاشى وينتهي ، بل هي عمل تبقى آثاره ونتائجه إلى الأعقاب ، عبر الأحقاب ..
فلماذا يرضى من يعرف ذلك كله : بأن يكون المدبر لهذه الحرب الظالمة ، والعدوانية ، على رجل كريم ، قد حقق كل هذه الإنجازات الهائلة التي لم تعرف لها المنطقة العربية مثيلا في كل تاريخها الطويل؟!
فهل هذه حكمة ودراية ، أم رعونة وغواية؟!
طموح تحمية الرعونة :
ومما لفت نظرنا هنا أيضا : أن مالك بن عوف لا يرضى بما أشار به دريد بن الصمة ، ويسعى إلى فرض رأيه على قومه بأسلوب أرعن وساقط ، حيث إنه يأخذ سيفا ، ويهددهم بأنه سوف يقتل به نفسه إن خالفوه ..