وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) (١).
ويقول بعض الإخوة هنا : إن نفس هذه الآيات دليل على أن الأكثيرين كانوا يجدون ما ينفقون ، إذ لا يصح في الحكمة ترخيص غير الواجد إذا كانوا الأكثر ، أو فقل : إذا كانوا بحيث لو رخّصوا لم يبق من يخرج إلا القليل ، ثم هي تدل على أن الآخرين كانوا واجدين من عند أنفسهم ، لا بتبرع فلان وفلان ، وإلا فلماذا الترجيح بجعل هذا واجدا ، وهو لم يجد إلا من التبرعات ، وجعل ذلك فاقدا ثم ترخيصه في العقود؟!
٧ ـ إنه ليس بالضرورة أن يكون المقصود بالآيات التي مدحت اتباع النبي «صلىاللهعليهوآله» في ساعة العسرة خصوص العسرة المالية ، فإن كون الإسلام والمسلمين في خطر شديد وأكيد من قبل جبار بني الأصفر ، مع ظهور الفشل في أصحابه ، وإصرار المنافقين على المكر به «صلىاللهعليهوآله» وبالمسلمين ـ إن ذلك ـ من أعظم موجبات العسر والحرج على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فكيف إذا كان سبب تخلف الكثيرين هو هذه الأمور التافهة ، مثل بعد الشقة ، وكون الجو حارا ، وترك مواسم القطاف للثمار التي أينعت ، وما إلى ذلك؟!
وذلك كله يدل على أن المقصود بقوله تعالى : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِ
__________________
(١) الآيات ٩١ ـ ٩٣ من سورة التوبة.