وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) (١) ، ليس هو العسرة المالية ، بل هو الخطر الشديد والأكيد على الإسلام وأهله ، إذ لو كان المراد العسر المالي ، فالمفروض أنه لم يكلفهم بالمسير معه ، كما أنهم معذورون في التخلف عنه ، ولا مورد لشن هذا الهجوم على المتخلفين ، ولا يحسن تأنيبهم بهذه الحدة والشدة ..
٨ ـ على أنهم يدّعون : أن عثمان وبعضا آخر قد أزاحوا علة الجيش كله من الناحية المالية ، ولم تبق عسرة ، رغم أن الآية المشار إليها آنفا تقول : إن العسرة باقية ، وقد كاد يزيغ قلوب فريق من المهاجرين والأنصار ، لو لا أن الله تعالى قد تداركهم بالتوبة ..
٩ ـ إن الذين تولوا وأعينهم تفيض من الدمع هم أفراد قليلون جدا ، لا يزيدون على سبعة أشخاص معروفة أسماؤهم وقبائلهم (٢).
فإذا كان عثمان وطلحة وعمر وبعض آخر ، قد جهزوا جيش العسرة الذي كان يعد بعشرات الألوف ، فهل عجزوا عن تجهيز سبعة أشخاص ، وتركوهم حتى تولوا وأعينهم تفيض من الدمع؟! ولم يرق لهم قلب ، ولا ارتعش لهم جفن. رغم أن ما سألوه لم يكن هو الدواب والمراكب ، بل مجرد
__________________
(١) الآية ١١٧ من سورة التوبة.
(٢) الدر المنثور ج ٣ ص ٢٦٧ و ٢٦٨ عن ابن جرير ، وابن مردويه ، وابن أبي شيبة ، وابن سعد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم وابن إسحاق ، وأبي الشيخ ، عن محمد بن كعب ، ومجمع بن حارثة ، ومجاهد ، والزهري ، ويزيد بن يسار ، وعبد الله بن أبي بكر ، وعاصم بن عمرو بن قتادة وغيرهم .. وراجع : تفسير السمرقندي ج ٢ ص ٨١ ، وتفسير الثعلبي ج ٥ ص ٨١.