مال المدينة «أخذ مالك بن أنس الفقيه رزقه من ذلك المال بعينه اختيارا» (١).
كما أن المنصور كان إذا أراد أن يولي أحدا على المدينة يستشيره أولا (٢).
كما أن محمد بن الحسن الشيباني يقول : إن من أوصى لولد فلان ، وله ابن ، وولد بنت «إن الوصية لولد الابن ، دون ولد البنت» (٣).
نعم .. لقد ألغى الله سبحانه ذلك المفهوم الجاهلي البغيض بنص المباهلة ، ولكن هؤلاء قد احتفظوا به ، حتى حكّموه في آرائهم الفقهية ، وذلك انصياعا للجو السياسي ، وتنفيذا لمآرب الحكام ، الذين كانوا ـ سواء منهم الأمويون أو العباسيون ـ يحاولون تركيز هذا المفهوم وتثبيته ، كما سنرى ..
وثانيا : لقد كان لا بد من تفويت الفرصة على أولئك الحاقدين والمنحرفين ، الذين سوف يستفيدون من ذلك المفهوم الجاهلي لمقاصد سياسية ، فيما يتعلق بموضوع الإمامة والخلافة والزعامة بعد رسول «صلىاللهعليهوآله» ، وبالذات فيما يختص بشخص هؤلاء الذين أخرجهم عليه وآله الصلاة والسلام للمباهلة ، وكرمهم في حديث الكساء ، وآية التطهير ، وغير ذلك مما لا مجال له هنا ..
وذلك لأن الذين استأثروا بالأمر بعد النبي محمد «صلىاللهعليهوآله» قد احتجوا في السقيفة بأنهم : أولياء النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وعشيرته ،
__________________
(١) أنساب الأشراف ، بتحقيق المحمودي ج ٣ ص ٨٨.
(٢) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ، المجلد الأول ص ٤٩٤ و ٥٠٤ و ٥٠٥ و ٥٠٦ و ٥٠٧ و ١٦٤ و ١٦٥.
(٣) حقائق التأويل ص ١١٥.