سقط بين القتلى وقد أثخن بالجراح ، ولم يزل كذلك وليس به حراك حتى سمعهم يقولون : قتل الحسين ، فتحامل وأخرج من خفه سكيناً ، وجعل يقاتلهم بها حتى قتل ، رضوان الله عليه.
قال : وجعل أصحاب الحسين عليهالسلام يقاتلون (٨١) بين يديه ، وكانوا كما قيل :
قومٌ إذ نودوا لدفع ملمة |
|
والخيل بين مدعس ومكردس |
لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا |
|
يتهافتون على ذهاب الأنفس |
فلما لم يبق معه إلا أهل بيته ، خرج علي بن الحسين عليهالسلام ـ وكان من أصبح الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً ـ فاستأذن أباه في القتال ، فأذن له.
ثم نظر إليه نظرة آيسٍ منه ، وأرخى عليهالسلام عينيه وبكى.
ثم قال : « اللهم اشهد ، فقد برز إليهم غلامٌ أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك صلىاللهعليهوآله ، وكنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه ».
فصاح وقال : « يابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي (٨٢) ».
فتقدم عليهالسلامنحو القوم ، فقاتل قتالاً شديداً وقتل جمعاً كثيراً.
ثم رجع إلى أبيه وقال : يا أبه ، العطش قد قتلني ، وثقل الحديد قد أجهدني ، فهل إلى شربة ماء من سبيل؟
فبكى الحسين عليهالسلام وقال : « واغوثاه يا بني ، من أين آتي بالماء قاتل قليلاً ، فما أسرع ما تلقى جدك محمداً عليهالسلام ، فيسقيك بكأسه الأوفى شربةً لا تظلمأ بعدها (٨٣) ».
____________
(٨١) ع : يسارعون إلى القتل.
(٨٢) من قوله : وكنا إذا اشتقنا ... إلى هنا ، لم يرد في ر ، وورد في ع.
(٨٣) ع : بعدها أبداً.