عمران إلا بلدة واحدة في وسط الماء ، طولها ثمانون فرسخاً في ثمانين فرسخاً ، ما على وجه الأرض بلدة أكبر منها ، ومنها يحمل الكافور والياقوت ، أشجارهم العود والعنبر ، وهي في أيدي النصارى ، لا ملك لأحد من الملوك فيها سواهم ، وفي تلك البلدة كنائس كثيرة ، أعظمها كنيسة تسمى كنيسة الحافر ، في محرابها حقة ذهب معلقة ، فيها حافر يقولون : إنه حافر حمار كان يركبه عيسى (١٧٣) ، وقد زينوا حول الحقة بالذهب والديباج ، يقصدها في كل عام عالم من النصارى ، ويطوفون حولها ويقبلونها ويرفعون حوائجهم إلى الله تعالى عندها (١٧٤) ، هذا شأنهم ودأبهم بحافر حمار يزعمون أنه حافر حمار كان يركبه عيسى نبيهم ، وأنتم تقتلون ابن ابنت نبيكم ، فلا بارك الله فيكم ولا في دينكم.
فقال يزيد : اقتلوا هذا النصراني لئلا يفضحني في بلاده.
فلما احس اليصراني بذلك ، قال له : أتريد أن تقتلني؟
قال : نعم.
قال : إعلم أني رأيت البارحة نبيكم في المنام يقول : يا نصراني أنت من أهل الجنة ، فتعجبت من كلامه ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
ثم وثب إلى رأس الحسين عليهالسلام ، وضمه إلى صدره وجعل يقبله ويبكي حتى قتل ».
قال : وخرج زين العابدين عليهالسلام يوماً يمشي في أسواق دمشق ، فاستقبله المنهال بن عمرو (١٧٥) ، فقال : كيف أمسيت يا بن رسول الله؟
____________
(١٧٣) ر : نبيهم عيسى.
(١٧٤) عندها ، من ع.
(١٧٥) في ر : المنهال بن عمر.
وهو : المنهال بن عمرو الأسدي ، عده الشيخ بهذا العنوان تارة في أصحاب الحسين عليه السلام ،