قالت سكينة : فلما كان في اليوم الرابع من مقامنا رأيت في المنام ، وذكرت مناماً طويلاً تقول في آخره : ورأيت امرأة راكبة في هودج ويدها موضوعة على رأسها ، فسألت عنها ، فقيل لي : فاطمة ابنت محمد أم أبيك.
فقلت : والله لأنطلقن إليها ولأخبرنها ما صنع بنا ، فسعيت مبادرة نحوها ، حتى لحقت بها ووقفت بين يديها أبكي وأقول :
يا أمتاه جحدوا والله حقنا ، يا أمتاه بددوا والله شملنا ، يا أمتاه استباحوا والله حريمنا ، يا أمتاه قتلوا والله الحسين أبانا.
فقالت لي : كفي صوتك يا سكينة ، فقد قطعت نياط قلبي ، وأقرحت كبدي ، هذا قميص أبيك الحسين لا يفارقني حتى ألقى الله به.
وروى ابن لهيعة ، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن (١٦٦) قال : لقيني رأس الجالوت (١٦٧) فقال : والله ، إن بيني وبين داود عليهالسلام سبعين (١٦٨) أباً ، وإن اليهود تلقاني فتعظمني ، وأنتم ليس بينكم وبين نبيكم إلا أب واحد قتلتم ولده (١٦٩).
وروي عن زين العابدين عليهالسلام أنه قال : « لما أتوا برأس الحسين عليهالسلام إلى يزيد لعنه الله ، كان يتخذ مجالس الشرب ، ويأتي برأس الحسين عليهالسلام ويضعه بين يديه
____________
(١٦٦) أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود بن نوفل القرشي الأسدي ، نزل مصر وحدث بها كتاب المغازي لعروة بن الزبير ، روى عن علي بن الحسين والنعمان بن أبي عياش وطائفة ، وروى عنه حبوة بن شريح ومالك بن أنس وآخرون ، مات سنة بضع وثلاثين ومائة.
سيرة أعلام النبلاء ٦ / ١٥٠ ترجمة رقم ٦٢.
(١٦٧) لم يذكروه.
(١٦٨) ب. ع : السبعين.
(١٦٩) ب : وأنتم ليس بينكم وبين ابن نبيكم إلا أب واحد قتلتموه. ع : وأنتم ليس بين ابن نبيكم وبينه إلا أب واحد قتلتم ولده.