شعورهن ، وحثين (٥٨) التراب على رؤوسهن ، وخمش وجوههن ، ولطمن خدودهن ، ودعون بالويل والثبور ، وبكى الرجال ونتفوا لحاهم (٥٩) ، فلم ير باكية وباك أكثر من ذلك اليوم.
ثم ، أن زين العابدين عليهالسلام أومأ إلى الناس أن اسكتوا ، فسكتوا ، فقام (٦٠) قائماً ، فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي بما هو أهله فصلى عليه ، ثم قال :
« أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي : أنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أنا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا ترات (٦١) ، أنا ابن من انتهك حريمه وسلب نعيمه وانتهب ماله وسبي عياله ، أنا ابن من قتل صبراً وكفى بذلك فخراً.
أيها الناس ، ناشدتكم الله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذلتموه؟! فتباً لما قدمتم لأنفسكم وسوءاً (٦٢) لرأيكم ، بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله اذ يقول لكم : قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي؟! ».
قال الراوي (٦٣) : فارتفعت اصوات الناس من كل ناحية ، ويقول بعضهم لبعض : هلكتم وما تعلمون.
فقال : « رحم الله أمرءاً قبل نصيحتي وحفظ وصيتي في الله وفي رسوله وأهل
____________
(٥٨) ع : ووضعن.
(٥٩) ونتفوا لحاهم ، لم يرد في ر ، واثبتناه من ع.
(٦٠) ر : فقال.
(٦١) ر : من غير دخل ولا تراث.
(٦٢) ع : وسوءة.
(٦٣) الراوي ، من ع.