فضربه ابن فضيل الأزدي (٩١) على رأسه ، ففلقه ، فوقع الغلام لوجهه وصاح : يا عماه.
فجلى الحسين عليهالسلام كما يجلي الصقر ، وشد شدة ليثٍ أغضب ، فضرب ابن فضيل بالسيف ، فاتقاها بساعده فأطنها من لدن المرفق ، فصاح صيحة سمعه أهل العسكر ، فحمل أهل الكوفة ليستنقذوه ، فوطأته الخيل حتى هلك.
قال : وانجلت الغبرة ، فرأيت الحسين عليهالسلام قائماً على رأس الغلام وهو يفحص برجله ، والحسين عليه اللسلام يقول : « بعداً لقومٍ قتلوك ، ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك (٩٢) ».
ثم قال : « عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك فلا ينفعك صوته ، هذا يوم والله (٩٣) كثر واتره وقل ناصره ».
ثم حمل الغلام على صدره حتى ألقاه بين القتلى من أهل بيته.
قال : ولما رأى الحسين عليهالسلام مصارع فتيانه وأحبته ، عزم على لقاء القوم بمهجته ، ونادى : « هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله؟ هل من موحدٍ يخاف الله فينا؟ هل من مغيثٍ يرجو الله بإغاثتنا؟ هل من معينٍ يرجو ما عند الله في إعانتنا؟ ».
فارتفعت أصوات النساء بالعويل ، فتقدم إلى باب الخيمة وقال لزينب : « ناوليني ولدي الصغير (٩٤) حتى أودعه » ، فأخذه وأومأ إليه ليقبله ، فرماه
____________
(٩١) في مقاتل الطالبيين : ٨٨ ذكر اسمه : عمرو بن سعيد بن نفيل الأزدي.
(٩٢) ع : جدك وأبوك.
(٩٣) ر : فلا ينفعك صوت والله.
(٩٤) هو عبدالله بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وأمه الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس ،